العرب بين حماقة السياسيين وغدر العسكر

نور الدين الغيلوفي

1. لعلّ من أكبر أسباب فشل العرب أنّ لهم جيوشا.. نعم هي جيوش تحتكر نصيبا وافرا من ثروات البلاد وتقتني الأسلحة باستمرار وتحظى بتقدير يصل إلى درجة التقديس في بعض الأحيان ولكنّها قلّما تنهض بأدوارها.. الأرض العربية تُنهب والشعوب العربية تُنتهَك حقوقها والدول العربية تزداد فرقة وتمزّقا.. ولا شيء في المدى المنظور يبشّر بأنّ لهذه الجيوش ما يفيد البلاد العربيّة.
2. العسكر ليس لهم دين غير التسلّط.. وبدل أن يستثمروا مكانتهم في خدمة البلاد التي تجهّزهم وتنفق عليهم من دمها، يهيمنون على كلّ شيء فيها ويسيطرون على جميع المرافق كأنهم جيوش احتلال.. كما تشهد بذلك الحالة السورية والحالة المصرية والحالة السودانية.
3. في مصر قامت ثورة قفز عليها مجلس عسكريّ استدرج الشعب إلى انتخابات جاءت بفصيل سياسيّ اسمه الإخوان المسلمون إلى الحكم.. ثمّ ما لبث العسكر بعد تنويم الإخوان أن تحالف مع خصومهم العلمانيين لسحق الثورة المصريّة والعودة بمصر إلى ما قبل ثورة 25 فبراير 2011… بدأ العهد العسكري الجديد بإحراق الناس في الميادين لبثّ الرعب في الأحياء وتثبيط ما تبقّى عزائم الشباب المصري التائق إلى التغيير.. وعاد المصريون إلى حال جعلت منهم أشبه بالواقعين في الأسر.. وما لبث خصوم الإخوان أن شربوا من الكأس الذي أمسكوها بأيديهم ليسقيَ العسكرُ منها الإخوانَ المسلمين.
4. في السودان قامت ثورة قفز عليها مجلس عسكري انتقاليّ ظلّ يماطل المعتصمين ويمتنع عن تمكينهم من مطلبهم المتمثّل في تسليم الحكم للمدنيين.. ونجح المجلس في استمالة الإسلاميين الذين يتّهمون المعتصمين بأنهم شيوعيون.. واليوم، الثالث من شهر جوان 2019 يشرع العسكر في فضّ الاعتصام بالقوّة ويرتكب لأجل ذلك جريمة يستنسخ فيها ما فعل الجيش المصريّ في اعتصامي رابعة والنهضة بعد أن أخذت قيادة المجلس الضوء الأخضر من مثلّث أنظمة الشرّ العربي: الإمارات والسعودية ومصر..
5. في مصر كان العلمانيون هم حصان طروادة ركبهم العسكر لسحق الثورة بذريعة الحرب على الإرهاب المحتمَل.. فسحق الإسلاميين في البدء ثم ألحق بهم كلّ فئات الشعب المصريّ.. فهل يكون الإسلاميون في السودان هم حصان طروادة يركبهم العسكر لسحق ثورة الشعب السودانيّ بذريعة أنّ المعتصمين شيوعيّون؟
هل قدّر على السياسيين العرب أن يكون على اليمين وعلى اليسار نوافذ حماقة يعبر منها العسكر لتعطيل الأحلام سيرا على نهج المستعمرين الأجانب “وكأنك يا بو زيد ما غزيت”؟

Exit mobile version