عبد اللّطيف درباله
أعلن البنك المركزي التونسي يوم أمس عن وضعيّة أهمّ المؤشّرات الماليّة والإقتصاديّة..
وهي كلّها تدحض بروباغندا النجاح الإقتصادي المزعوم الذي تروّج له جوقة الشاهد التطبيليّة بأعضاء حكومته وإعلامه الموالي..
فوفقا للبنك المركزي فإنّ عجز الموازنة في تونس تفاقم بنسبة تناهز 50% في عام واحد.. ليقفز إلى 9.3% من الناتج الداخلي الخام.. بعد أن كان 6.3% في نفس الفترة من السنة الماضية.
وبقيت نسبة التضخّم في نفس المستوى العالي بـ 6.9%.. رغم كلّ الإجراءات الحمائيّة والتصحيحيّة التي حاولت حكومة الشاهد عبثا القيام بها..
أمّا إحتياطي العملة الصعبة فقد تدهور من جديد ليكون كافيا لتغطية 74 يوم من التوريد لا غير.. برغم كلّ القيود التي فرضتها حكومة الشاهد على التوريد.. وبرغم كلّ القوانين الاستثنائية التي فرضتها بمناسبة قوانين المالية لسنتي 2018 و2019.. والتي أدّت إلى غياب الكثير من المنتجات المستوردة المعتادة بالأسواق.. وتسبّبت في توقّف نشاط وحتّى إفلاس نسبة هامّة من المؤسّسات التجاريّة الصغرى والمتوسّطة.. عدا عن الصعوبات الماليّة التي لحقت بنسبة أخرى كبيرة لا تزال تحاول مواصلة النشاط..!!
أمّا الخبر الأسوأ فهو أنّ نسبة النموّ الاقتصادي انهارت إلى 1.1%.. بعد أن كانت في حدود 2.7% في سنة 2018..
وهي النسبة التي طبّل لها يوسف الشاهد لترويج نجاحه الاقتصادي الباهر.. وسياسته الحكيمة والناجعة.. والحال أنّها نسبة نموّ إيجابيّة حصلت “صدفة” واعتباطا.. ولا ترتكز على أيّ أساس اقتصادي سليم أو متين..
ذلك أنّ نسب النموّ الفرديّة في جميع القطاعات كانت سلبيّة.. لكنّ نسبة النموّ في القطاع السياحي كانت إيجابيّة باعتبار الزيادة الضئيلة في عدد السيّاح نتيجة التعافي بعد فترة طويلة من آخر عمليّة إرهابيّة..
كما أنّ نسبة النموّ في القطاع الفلاحي كانت في السنة الفارطة تقارب 10%.. وهي بذلك رفّعت في معدّل النسبة العامّة للنموّ الاقتصادي ككلّ.. والتي تحتسب كمعدّل على أساس النسب الفرديّة في جميع القطاعات.. لتبلغ بذلك نسبة النموّ الاقتصادي العام 2.7% المعلن عنها بفخر بالغ من الحكومة..
في حين أنّها نسبة نموّ مغلوطة وهشّة لم تبن على اقتصاد قويّ وفي صعود فعلا.. ولكنّها بنيت على عامل هشّ هو طفرة موسميّة في قطاع الفلاحة.. لا تعود أصلا إلى ثمار إصلاح هيكلي فلاحي أو إلى استراتيجيّة زراعيّة حكوميّة مدروسة.. وإنّما تعود أساسا إلى عوامل مناخية تخرج عن إرادة الحكومة.. مثل الأمطار.. وإلى تراوح الإنتاج الفلاحي صعودا ونزولا من موسم إلى آخر.. وقد صادف أن كانت نتائج المواسم الفلاحيّة خاصّة في قطاعي الزيوت والتمور قياسيّة سنة 2018.. ممّا أعطى الفرصة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ليزهو بنجاح اقتصادي مزعوم لا دخل ولا فضل له فيه بتاتا..!!!
لأجل كلّ هذه الأرقام السيّئة.. والمؤشّرات السلبيّة.. في الاقتصاد التونسي.. أبقى البنك المركزي نسبة الفائدة المديريّة في حدود 7.75% في محاولة لتلافي التأثيرات الكارثيّة لسياسة الحكومة على الوضع المالي العام للبلاد.. وهي طبعا نسبة فائدة مشطّة جدّا أثقلت كاهل المواطنين والمؤسّسات المتحصّلين على قروض بنكيّة.. وسبّبت بدورها صعوبات في التمويل للناشطين والمؤسّسات والشركات.. بما سينعكس على الحركيّة الصناعيّة والتجاريّة عموما.. وعلى قدرة الشركات التونسيّة على مواصلة نشاطها خاصّة في ظلّ اقتصاد متأزّم يشهد تراجعا في الاستهلاك.. وإنهيارا في القدرة الشرائيّة للمواطنين.. ونقصا حادّا في السيولة الماليّة حتّى لدى البنوك أنفسها..!!!
المترشّح عن حزب نداء تونس الذي قال في الحملة الانتخابية سنة 2014 في خطأ عفوي: “انتخب النخلة تونس تخلى”.. كان صادقا جدّا دون أن يقصد..!!!
يجب الآن البحث عن شعار صادق جديد لما ينتظر تونس لو انتخبت حزب الشاهد “تحيا تونس” في الانتخابات القادمة..!!!