إسماعيل بوسروال
1. إقرار بتهرم المنظومة التربوية
اقرّ وزير التربية في تصريحاته الاخيرة بمظاهر (الإعياء) التي أصابت التعليم العمومي في تونس وهو إقرار رسمي بما يلي :
- تهرئة البنية الاساسية والفضاءات.
- ضعف مردود المدرسة العمومية حيث ذكّر بنتائج المتعلمين الهزيلة في اختبارات وطنية.
- تحدث عن سوء توظيف الوسائل والأدوات كالحواسيب.
ولكن يمكن إضافة مظاهر عطالة وضعف لدى المنظومة التربوية من جانب القيم والثقافة حيث لا نرى أثرا إيجابيا للتربية على المواطنة.
وفي المقابل أقر وزير التربية بحتمية الإصلاح التربوي وانتقد الأساليب الشعبوية السابقة التي انتهجها سلفه ناجي جلول دون ذكره بالإسم… وأقر وزير التربية الحالي بحتمية (التشاركية) في إنجاز إصلاح تربوي شامل.
إنني كمواطن تونسي يهمه شأن البلاد وأهلها وأني كمعلم قديم ومدير مدرسة ومساعد بيداغوجي وكمتفقد أول للتعليم الإبتدائي واكبت وعايشت كل المراحل والإصلاحات من 1958 إلى اليوم 2019 أؤكد أن الإصلاح التربوي الشامل يواجه تحديات جمة إن لم نقر بها فإن المدرسة ستغرق نهائيا، لا قدّر الله.
• التحدي الاول : هيكلي
وهو: من يتولى الاصلاح ؟
إن فشل المحاولة السابقة في 2015 يعود إلى إحتكار اليسار الإستئصالي للملف التربوي (يسار في الوزارة + يسار في نقابة متفقدي الإبتداى + يسار في نقابة متفقدي الثانوي + يسار في المعهد العربي لحقوق الإنسان… يعاضدهم في ذلك تدخل فرنسي سافر عبر مستشارين ومكتب دراسات مستمر إلى اليوم.
• التحدي المضموني :
سعى المشرفون على الاصلاح التربوي 2015 إلى اليوم -عبر الفريق الفرنسي والخلايا التي تعمل بالتنسيق معه- إلى إفراغ دستور الجمهورية الثانية 2014 من محتواه القيمي وفرض التوجهات والمضامين الإيديولوجية التي يعتقد واهما أنها “ترتقي بالإنسان التونسي”… في حين يكرر ما كان متفرا من مضامين أكل عليها الدهر ولم تحقق لا المدنية ولا الديمقراطية ولاحقوق الإنسان ولا القيم الكونية، بالصيغة التي يريد فرضها.
• تحدي الحوكمة : تحتاج المنظومة التربوية إلى حوكمة رشيدة أفقيا وعموديا.
أفقيا في التنسيق بين وزارات رئيسية وهي التربية والتعليم العالي والتكوين المهني والشباب والرياضة… أساسا إلى جانب 8 وزارات أخرى بدرجة أقل.
عموديا تحتاج الحوكمة إلى تفضيل معيار الكفاءة على معيار الإنتاء الايديولوجي حيث يتم إسناد الخطط الوظيفية غالبا (المندوبيات الجهوية مثلا) إلى أفراد يساريين معينين لهم ارتباط مباشر أو غير مباشر بالجبهة أو النداء أساسا (مهما تشققت الأحزاب يبقى الجذر المشترك).
• التحدي الرابع : كيف ننجز الإصلاح التربوي الشامل ؟
تقدم الجمعية الوطنية للائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية تصورا مكتملا في هذا السياق ويتمثل في :
- إحداث مجلس أعلى للتربية (مشروع قانون أودع لدى مكتب البرلمان).
- إحداث معهد تقييم المنظومة التربوية.
- منهجيا، يتولى المجلس الأعلى للتربية التخطيط للإصلاح التربوي الشامل من خلال لجانه التي تضم الفاعلين التربويين (12 وزارة + نقابات التعليم + جمعيات ممثلة للمجتمع المدني + خبراء تربية حسب السيرة الذاتية والملفات + ممثلو أولياء التلاميذ)… ويعمل المجلس الأعلى للتربية كهيئة لها إستقلاليتها النسبية فنيا وعلميا وتربويا ولكن تحت إشراف رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة.