اليسار.. لعل وعسى
أحمد الغيلوفي
لا أعتقد أن إنهيار الجبهة خبر مُفرح لمن يريد تاسيس ديمقراطية متوازنة. اليسار فكر إنساني يعبر عن أشواق الإنسان وأحلامه في العدل والقضاء على الإستغلال والتفقير. اليسار هو أفق إنساني قد لا نبلغه أبدا ولكن يدفعنا إلى الإقتراب دوما منه: لا ننسى أن كل الحقوق التي يتمتع بها الكادحون اليوم جاءت بفضل نضالات اليسار التي اجبرت رأس المال على الإعتراف بها.
مشكله الفكر اليساري في تونس أنه وقع تشويهه من طرف مُنتحلي اليسارية: فرٌطوا في جوهر الفكر الذي هو المسألة الإجتماعية والإنحياز للفقراء واعتنقوا المسألة الثقاقية والايديولوجية. أصبح جوهر الصراع ثقافيا وهكذا وجدوا أنفسهم مع “الكومبرادور” الذي يعتنق الإيديولوجيا الرأسمالية ويسكت عن العدالة الإجتماعية. تركيز “يسارنا” على المسائل الهووية وتأجيل المسألة الإجتماعية إلى ما بعد القضاء على “الخطر الإسلاموي” كان تكتيكا خاطئا. ربما عليهم أن يعيدوا النظر في قضية الأولويات وفي المسألة الدينية. الدين لا يزال له حضور في المجتمعات الشرقية وعوض مواجهة الشعور الديني فيتحول الدين عائقا لماذا لا يستأنسون بتجربة “لاهوت التحرير” ؟ عليهم إعادة قراءة الواقع بآليات أخرى غير المادية الجدلية والمادية التاريخية والبنية الفوقية والتحتية: الدين دافع كبير للمقاومة: لولاه لما انتصرت الثورة الجزائرية وبه تصمد غزة المحاصرة منذ سنين وبه تقاوم المقاومة في لبنان. فقط علينا أن نحرره من خرافات الفقهاء وشعوذات الشيوخ. في النهاية ماهي الشيوعية؟ ماذا يعني مجتمع تغيب فيه الملكية الخاصة وينتفي الاستغلال وتنتفي الحاجة للدولة ويُقضى على العمل المُغترِب وتسود العدالة بين الجميع؟ أليست هذه يتوبيا معناها دين. أتمنى أن تحصل مراجعات فكرية يولد على إثرها يسار إجتماعي حقيقي.
ملاحظة: اليسار ليس واحدا. ما يصح على فصيل قد لا يصح على غيره.