بَيْنَ اليَأْسِ و البؤْسِ شعرة
علي بن مكشر
ليسَ أشد خطرا على الشعوب من الطمع، وليس أشد خطرا على الظالمين من اليأس، لذلك تسعى المافيا دائما إلى إيهام الناس بالأمل، وهذا الأمل هو ما يطيل عمر الصعاليك فوق هذه الأرض.
عندما ييأس الناس من تحسن أوضاعهم، يثورون، وعندما يثورون يدفعون ثمنا أقل مما لو ظلوا خانعين، لذلك سوف يبقى الاعلام يروج لهم الأمل، في حين يستشري الفساد وينمو ويفرخ…
عندما يقوم مقاول فاسد، بإنفاق الملايين في عرس ابنه، وترى الناس يتدافعون على الباب من أجل قوارير الجعة المجانية، التي سرق ثمنها منهم، وهم يعلمون أنه يغش الطرقات والقناطر، ومع ذلك يقدمون له قرابين التزلف، فهم بذلك يصفقون لسارقهم.
كلما ازداد الوعي وتراصت الصفوف، كلما ضاق الخناق على الفاسدين، ومثل الناس في هذا كمثل نموذجين حدثا بالفعل في منطقة تونسية، بعد الثورة مع نفس الفاسدين.
• نموذج أول : استطاعت جمنة استرداد هنشير ستيل و ادارته للمصلحة العامة بطريقة كأعلى ما تكون الشفافية، ورغم الحرب الشرسة التي شنتها الدولة على جمعية جمنة، ورغم بعض الخيانات الا انها انتصرت في النهاية، ولا تزال تمثل كابوسا مرعبا للفاسدين (خطر استشراء نموذج الإقتصاد التضامني)، وليس الخطر للقيمة المالية للهنشير، فالمقاول الفاسد لازال يتربح من المشاريع العمومية أضعاف ما كان يدره مشروع جمنة.
• نموذج ثان : في معتمدية دوز الجنوبية، قام مواطنون بافتكاك هنشير مماثل، من مقاول فاسد ايضا، واستطاع استرجاعه منهم، في زمن وجيز، وهذا يعود لمستوى الوعي بين قريتين يفصل بينهما زهاء ثلاثين كيلو متر فقط.
– عندما تكون الذمم قابلة للشراء، والطمع ظاهرة عامة، فان هذا هو أفضل مرعى يسمن الناهبين والفاسدين.
– سيظلون يسخرون منكم طالما تسمحون لهم بالمرور، وتسلمون عليهم كأن شيئا لم يكن وتؤاكلوهم وتشاربوهم، عوضا عن رجمهم بالحجارة..
“اشنقوا كل مقاول فاسد، بأمعاء كل نائب فاسد، فستحلوا لكم الحياة”