عبد اللطيف علوي
(درس مجاني في محو الأمّيّة لبعض الفقراء والمحتاجين فكريّا وأخلاقيّا وسياسيّا)
- أن تكون مستقلاّ لا يعني أن لا يكون لديك انتماء فكريّ أو ايديولوجيّ، هناك عائلات فكريّة وسياسيّة معروفة في كلّ العالم، تتوزّع من اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط، لا تتّهم شخصا بعدم الاستقلاليّة لأنّه إسلاميّ الهوى أو يساريّه أو قوميّه.
- أن تكون مستقلاّ لا يعني أنّك لا تتّخذ موقفا بمساندة هذا الطّرف أو ذاك، عندما ترى أنّه يُستهدَفُ في وجوده ويتعرّض لمخطّطات الاستئصال والتّجريم على الهويّة.
- أن تكون مستقلاّ لا يعني أن تصبح جبانا ترى الحقّ وتصمت خوفا من أن تتّهم بأنّك تابع لهذا أو قطيع لذاك.
- أن تكون مستقلاّ لا يعني أن تصبح حيوانا مجرما، وشيطانا أخرس يرى البشر يذبحون كالنّعاج في رابعة ويبلع لسانه خوفا من أن يتّهم بأنّه إخوانيّ أو نهضاوي، ولا يعني أيضا أن ترى فئة من النّاس يراد لهم أن يذبحوا قرابين في معابد الحداثة وتصمت، ولا يعني كذلك أن ترى الفاشيست الحمر يستعملون أجهزة الدّولة ويخترقون مؤسّساتها لإبادة أناس من بلدك، لهم ما لك على أرضها من شمس وظلّ وماء وهواء، ترى كلّ ذلك وتضع رأسك تحت المخدّة وتصمت بحجّة الاستقلاليّة!!
الاستقلالية في السّياسة هي استقلاليّة تنظيميّة، يعني أن لا تكون منخرطا في هذا الحزب أو ذاك، وهي استقلاليّة في التّفكير، يعني أن تفكّر بمطلق الحرّيّة وتقف حيث ترى الحقّ بيّنا بعد التّمحيص، وهي تعني أيضا الاستقلاليّة الذّهنيّة والنّفسيّة، يعني أن تكون شجاعا قادرا على اتّخاذ المواقف الّتي تدفع في سبيلها الثّمن ولا تبالي.
إذا أردت أن تتّهم شخصا بعدم الاستقلاليّة، فواجهه ببطاقة انخراطه، أو ناقشه في موقف من مواقفه وأقم عليه الحجّة، بقطع النّظر عمّا إذا كان ذلك الموقف في مساندة زيدان أو شعبان، وانقد الفكرة لذاتها وموضوعها وليس لمن يستفيد في النّهاية من ثباتها أو بطلانها، ثمّ حكّ مواضع الجرب في لحمك، ونم هنيئا، إذا استطعت إلى النّوم سبيلا.
هل فهمت الآن معنى أن تكون مستقلاّ؟
#عبد_اللطيف_علوي