الأمهات في مجتمعنا نوعان
عايدة بن كريّم
النوع الأول المراجة: شكاية وبكاية ونڨرازة وطول الوقت وهي تمنّ ما تسمع منها كان سيّب من يدك، خلّي غادي، تو نجيك بالشلاكة، يعطيك كسرة في يديك، يا بهيم يا مسطّك، يا حيوان، ما أخيب مناظركم، كرهتوني في حياتي، راني تعبت منكم، راني ما عادش نجّم، قدّاش منّي ياخي؟ نخدم البرا والداخل وأنتم موش عاجبكم… ياخي ما تشبعوش؟ ياخي ديما بمشاكلكم؟ يعطيكم ويجيكم…
النوع الثاني الأمّ التي تُعطي دون منّ ولا أذى: كلّ جملها تبدأ بيعيّش ولدي: يعيّش ولدي ما تضربش أختك، يعيش ولدي لمّ اللعب متاعك وحطّهم في بلاصتهم، يعيش ولدي نقص من الحس ماما راسها يوجع فيها… لمّا تحب تحتج او تطالب موش في حضور أولادها. ولما تحبّ تشكي همومها موش قدّامهم. ولما تحب تعبّر على تعبها تختار جملها. ولمّا تحس بالضيم ما تنفجرش في وجوههم… هي تهوّن الصعاب وتحلّ المشكلات بحكمة وبهدوء.
هناك ندوب وخدوش مع الوقت تتحوّل إلى جراح عميقة ويصعب علاجها… تبقى توجع وتحرق وتُقرص وتقلّق… تبقى تاكل فينا من الداخل ويصعب علينا حكّانها.
•••
ليس هناك أم مثالية وأم غير مثالية والأم سواء أكانت من النوع الأول أو النوع الثاني هي نبع من الحنان والعطاء الذي لا ينضب وهي رمز للتضحية وهي عنوان للحب الصادق… لكن الحب الصادق بحاجة لغلاف جميل والعطاء يكون أروع حين لا يتبعه منّ ولا أذى، والحنان وحده لا يكفي لأنّ الأبناء بحاجة للتفهّم والدعم والتشجيع،
الأبناء لا يُقدّرون قيمة التضحية بالوقت والجهد وأنت تُعيدين على مسامعهم تلك الأسطوانة المشروخة متاع تعبت وفدّيت وما عادش نجّم، الأبناء ما يقدروش مثاليتك كأمّ وأنت تلعن في بوهم وتشتم في جدودهم وعاملة حصار للعائلة الكبيرة. وما تفلتش فرصة باش تعمل مشكلة من الحيط… وتنكّد عليهم مناسباتهم بالتخرنين والتجويح.
الأمّ في كلّ الحالات هي المشكاة التي تضيء فنرى بنورها وهي الكوّة التي تهوّي فنتنفّس هواءها وهي النور الذي يبعث الأمل في المستقبل فنحثّ الخطى… هي نبع السعادة قبل أن تكون نبع الحنان وهي شلاّل الفرح قبل أن تكون شلاّل التعب والعذاب…
الأم المثالية -إن جازت التسمية- هي الفرحانة والزهوانية… هي التي عطاءها يرشح سعادة وتضحيتها مغلّفة بالفرحة… حتى إن كان داخلها يسكن بو طلّيس.