محاولة أولية في تعريف الفكر “النمطي”
عادل بن عبد الله
الفكر “النمطي” هو مجموعة من المشاعر والمصالح التي تصاغ صياغة فكرية ركيكة (متناقضة ذاتيا) ويحكمها الاستعلاء المعرفي والتحيز الايديولوجي والمحافظة السياسية.. ويعمل الفكر “النمطي” على تعطيل أي تغيير حقيقي في مستوى إعادة توزيع السلطة والثروات المادية والرمزية معتمدا على مجموعة من الخرافات التأسيسية التي مدارها ثلاث خرافات مركزية هي:
1. خرافة الاستثناء الإسلامي (استحالة التوفيق بين الإسلام في ذاته وبين الديمقراطية ومنظومة حقوق الانسان، وهي استحالة يتم سحبها -انطلاقا من هذه المسلمة- على كل الحركات الاسلامية التي تثبت خارج أي أفق ديمقراطي واقعي أو ممكن).
2. خرافة الاستثناء التونسي أو النمط المجتمعي (تفوق تونس على جوارها العربي واختلافها الجذري عن فضائها الإسلامي واستعلائها على بعدها الافريقي)، ولا شك أن الاستثناء التونسي هو بعد “مخيالي” أقرب إلى المعطى الايماني منه إلى أية وقائع اجتماعية او معطيات موضوعية قابلة للإحصاء المقارني المضبوط بأرقام دقيقة.
3. خرافة “العائلة الديمقراطية” (وهي مجموعة من الأحزاب والايديولوجيات التي تذوب اختلافاتها المرجعية انطلاقا من القاعدة الحداثية الموهومة، وانطلاقا من التعارض الماهوي والنهائي مع الحركات الإسلامية رغم أنها كلها تعتمد على تراث سياسي كلياني واستبدادي: بورقيبي أو قومي أو يساري، ورغم أن من يدعون الانتساب للعائلة الديمقراطية هم أولى الناس بإثبات حصول هذه الصفة فيهم خاصة عندما لا تكون إرادة الناخبين في صالحهم).
هل يعني هذا أن “النمط” شر مطلق؟ بالطبع لا، فغاية ما يعنيه هذا التفكيك لمنطق “النمط” هو محاولة تنسيب الادعاءات الذاتية لبعض رموزه، ومحاولة الدفع بهؤلاء على مختلف قطاعاتهم المعرفية الى القيام بنقد ذاتي بعيدا عن الاستعلاء المعرفي الكاذب.