تدوينات تونسية
العصفور النادر
أحمد الغيلوفي
هناك مقدمات لابد منها ايضا:
• ليس من صالح النهضة بالمرة أن تسيطر على مجلس النواب والرئاسة، لا أظنهم أغبياء حتى يقعوا في هذا. وحتى إن أعطتهم بعض القوى الضوء الاخضر لذلك فلا أظنهم يفهمون ذلك إلا على أنه فخ. عليها أن تحكم مع المنظومة القديمة حتى تأمن الكثير من الشرور.
• المنظومة القديمة عاجزة على أن تتفق على مرشح.
من أين تأتي النُّدرة؟ مما يلي:
يجب أن تجد النهضة مرشحا تتوفر فيه ثلاثة شروط:
- يجتمع عليه كل قواعد النهضة حتى لا يقع لهم ما وقع في 2014: القيادات مع الباجي والقوعد مع المرزوقي. إذا وقع تقديم مرشح لا يُجمعون عليه فقد يدخلون في صراع داخلي، وما كل مرة تسلم الجرة، خاصة وأن هناك صراع على خلافة الشيخ. لو قدمت النهضة -مثلا- مرجان (يُرضي القديمة) سوف ينتخب النهضاويون قيس سعيد أو المرزوقي، وهكذا تخرج المنظومة فتتحالف مع اليسار والإتحاد وتعود نفس “البعبوكة” وهذا خطر على النهضة.
- لذلك يجب أن يكون مقبولا من المنظومة القديمة ولا يُخيفها: وهنا تأتي الندرة: مرشح يُجمع عليه النهضاويون (أقصد القواعد) والمنظومة في نفس الوقت.
- هنا تصبح “الندرة” ورطة: تقبله الجزائر ولا يُغضب فرنسا. في السابق كان الأمر ممكنا في عهد بوتفليقة. الآن من يسيطرون على الجزائر في خلاف مع فرنسا. أي تُرضي واحد يغضب الآخر. غير أن الأمر أدهى من ذلك: ماذا لو ترشح رئيس جزائري جديد “ثوري” ممن ينادون بإخراج فرنسا من المنطقة وإخلاءها من القواعد الأجنبيه وصادف أنه لنا رئيس من المنظومة القديمة يسمح بما تعتبره الجزائر استفزازا: تحركات السفير – الوجود العسكري الاجنبي- ؟ كذلك ماذا لو سيطر حفتر على طرابلس وواحد من المنظومة القديمة على الجزائر ونجح في تونس رئيسا من منظومة الثورة؟ تونس لا تستطيع أن تعيش بين ليبيا الغير مستقرة والجزائر الغاضبة.
علينا فهم “ندرة الطير” في ضوء الدعوات المحتشمة لتأجيل الانتخابات: ريثما تتدواى المنظومة من شقوقها وتصبح شريكا للنهضة يضمن الاستقرار وريثما تتضح الرؤية في الجزائر وليبيا.
لعل هذا درس للبعض حتى يعرف أن مصير تونس مرتبط بليبيا والجزائر.