صالح التيزاوي
تناقلت شبكات التّواصل الإجتماعي صورة للنّائب “سفيان طوبال” رئيس كتلة “نداء تونس”، شقّ الحمّامات، المنشقّ عن شقّ حافظ السّبسي، وقد أعلن كلّ منها أنّه الفائز برئاسة اللّجنة المركزيّة التي تمثّل الحزب. وهو ينثر المال بلا هوادة تحت أرجل الرّاقصات وبين أيديهنّ ومن فوقهنّ ومن تحتهنّ في “كابريه” خارج البلاد. فهل ضاقت عليه “كباريهات تونس”؟
ظهر النّائب في الصّورة وهو يرمي الأوراق الماليّة بين رجلي راقصة “الكباريه” رمي من لا يخشى الفقر ومن لا يخشى في الباطل لومة لائم. كان من الجدير بالنّائب أن يعتذر عن المشهد المقزّز إن لم يكن للشّعب التّونسي فعلى الأقل للّذين انتخبوه، ولكنّه آثر التّهريج والتّبرير وسرد أعذار لا تقلّ قبحا عن الصّورة المؤذية للرّأي العام وللمؤسّسة البرلمانية (حتّى وإن كان الأمر كما يقول). وراح يتحدّث عن “مؤامرة” تستهدف مسعاه في إقامة حلف “لإنقاذ تونس”.. كما أنقذها هو وأمثاله عندما فازوا بانتخابات 2014!!
أمّا قوله بأنّ الأموال المسفوحة تحت أقدام راقصة الكباريه تعود لملكيّة الفندق، فما سمعنا من قبل أنّ الفنادق تضع رزم الأوراق النّقديّة على ذمّة زبائنها لينثروها في أحضان الرّاقصات.. كلام سخيف لا يصدّقه من كانت له ذرّة من عقل.
ما أحوج البلاد إلى تلك الأموال المهدورة (لسنا ندري إن كانت بالدّينار التّونسي أم بالجنيه المصري أم بالعملة الصّعبة) لنرمي بها في ثغرة من الثّغرات التي تتّسع يوما بعد يوم وحكومة بعد أخرى حتّى أصبحت مقبرة للرّضّع وللنّسوة الكادحات ولآمال العاطلين عن العمل..
قد يقول قائل وسيقول آخرون نيابة عنه إنّ ما فعله النّائب هو من صميم حرّيته الشّخصيّة، وهو كلام مردود على أصحابه لأنّنا لا نتحدّث عن “شخص عادي”، نحن نتحدّث عن نائب في برلمان الثّورة، يفترض فيه أن يكون مثالا في سلوكه ومثالا في الإحساس بمعاناة شعبه ووجع مجتمعه.
حريّ به أن يطير من بلاد إلى أخرى يحاضر عن التّجربة التّونسيّة وعمّا تجابهه من مشاكل لا حصر لها وعن آفاق تجاوزها، من كان في موقعه أولى به أن يحضر المنتديات السّياسيّة والإقتصاديّة لاجتراح الحلول في التّنمية وفي مواجهة أزمات البلاد المتعدّدة…
تروي كتب التّاريخ أنّ السّياسيّ العادل عمر بن عبد العزيز كان يوصي بنثر الحبّ على قمم الجبال حتّى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين.. فها قد أدركنا زمنا ينثر فيه المال رزما وحزما تحت أقدام الرّاقصات والنّاس أضحت حياتهم ضنكا.