رسالة إلى النائب عماد الدائمي ومن كان مثله
نور الدين الغيلوفي
حذار..
احذر أن تفكّر في قياديّ نقابيّ بما لا يليق.. فالقياديّ النقابيّ هو اللياقة ذاتها.. وما خُلقت اللياقة في تونس إلّا ليتقاسمها القادة ويكون لهم منها نصيب الأسد.. والباقي يوزّعونه، بمعرفتهم، على من يحظى بمرضاتهم..
واعلم، يا حضرة النائب، أنّ القياديّ النقابيّ يولد من المهد ديمقراطيا مبرَّئا من كلّ عيب.. لأنّه خلق نفسه كما يشاء.. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يمرّ بحضرته الفساد.. ممسوح من كل سوء..
القادة النقابيون مسجَّلون على قائمة الانتظار ليكون منهم الأنبياء لولا أنّ النبوّة خُتمت.. فهم ممثّلو الملائكة على الأرض.. دورهم أن يملأوا الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا…
القادة النقابيون زُهّاد.. سكنوا بناية الاتحاد ليحملوا مسؤوليات جسيمة.. لم يسعوا إليها ولم “يكنبنوا” لنيلها.. ولكنها جاءتهم صاغرة كما تأتي الدنيا الأنبياءَ والأتقياء والأوصياء..
ولولا مسؤولياتهم على عائلاتهم وفيوضهم على أبناء شعبهم من حولهم لما رضوا بجراياتهم ولوزّعوها على الفقراء والمساكين.. ولولا كثير أعمالهم وهادفات سفرياتهم لما ركبوا السيارات الفارهة ولما جمعتهم النزل الفخمة.. ولما أصابتهم التخمة.. ولما تكرّش بعض من نعرف منهم حتّى عاد بلا رقبة.. فهم لا يأكلون إلّا بعد أن يشبع الناس ولا يشربون إلّا عند ارتوائهم.. ولا تأخذهم سنة ولا نوم إلّا وقد اطمأنّوا على منام الناس من حولهم…
القادة النقابيون أنقياء لا يعرف لهم الفساد طريقا.. نقاوة منقطعة النظير لا يُنكرها غير ضرير.. واتّخذ لك عبد السلام جراد عنوانا.. ولا تصدّق ما يروج بشأنه.. فما تلك سوى أراجيف الحاقدين..
القادة النقابيون علماء أجلّاء.. يفهمون كلّ شيء.. ذكاء نادرا وفكرا عميقا ولسانا مبينا.. والتمس لك في الطبوبي خير مثال..
القادة النقابيون مترفّعون عن الحقد الإيديولوجيّ لا تعنيهم غير الأوطان ولا شاغل لهم سوى الإنسان في مطلق الزمان والمكان.. واتّخذ لك سامي الطاهري على كلّ ذلك آية.. وما تقرأ من صفحته محض مزاح…
القادة النقابيون فرسان شجعان.. وقفوا لنظام الاستبداد بالمرصاد.. ثمّ فجّروا الثورة وكانوا لها قادة وآباءً.. لذلك كانوا للدولة بعد الثورة سندا، كما ترى، وحموها من السقوط.. فكانوا عناوين للعدل وعلامات للإنصاف ومنارات للتنيمة وهداة للعمل…
ألم تر أنّهم لا يعقدون مؤتمرا لهم إلّا للتأكيد على قيمة العمل ودور الإتقان في نهوض الأمم؟
اجمع كلّ هؤلاء وأضف إليهم بلقاسم العياري.. وإذا لم يسعفك الميزان اخلطهم بحسين العبّاسي…
كلّ أولئك هم رسل العقل وعناوين العمل وسادة العدل ودعاة التقدّم ومنارات الرقيّ…
فمن تراه أحقّ بقيادة سفينة الوطن غير هؤلاء الربّان؟
أليسوا، حقًّا، عناوين لكلّ تقدّم وأدلّة على كل رقيّ؟
ليس كمثلهم حربٌ على الفساد فلا تتهمنّهم بالفساد..
افهم هذا.. يارعاك الله