لروحه السّلام !
سامي براهم
هي عبارة بديلة عن الدّعاء للمتوفّى بالرّحمة من اللّه ممّن يتحرّجون من الدّعاء كصيغة دينيّة، إمّا لعدم إيمانهم بحياة أخرويّة وربٍّ يحيي الأموات ويبعثهم من قبورهم في اليوم الآخر ، أو تجنّبا للتشبّه بالمتديّنين، أو استنكافا من الوعي الدّيني، أو درءً لشبهة الوصم بالتديّن، أو بكلّ بساطة ترجمة ببّغائيّة حرفيّة للعبارة الفرنسيّة “Paix à son âme”.
لكن هل هذه العبارة القلقة المضطربة محايدة حقّا بمعنى لائكيّة ومتنافية مع المعنى الدّيني سواء في سياقها الاعجمي أو ترجمتها الحرفيّة ؟ ما معنى الرّوح في غير السياق الدّيني ؟ وما السّلام الذي يلحقها في عالم الأموات ؟ وكيف يتحقّق ذلك السّلام ويتجسّد في القبور التي تُلْحَد فيها أجساد الموتى ؟ وما هو أو من هو مصدر ذلك السّلام وباعثه ؟وهل العبارة في صيغتها البلاغية إنشائيّة أم خبريّة ؟ هل هي إخبار عن توقّع أو هي أمنية أو دعاء؟
يصعب حسم الدّلالة خارج الإطار الدّيني في سياق غيبيّ غير قابل للتمثّل والتفسير الوضعي، ويبقى الموت من حيث هو مصير كلّ كائن حيّ الحقيقة القاطعة التي لا تقبل تقبل نفيا أو شكّا أو استثناءً أو تنسيبا أو دفعا.
لقد فشلت كلّ محاولات السّعي نحو الخلود ولا يمكن مقاومة الإحساس بالنّقص والفقد والخواء والحيرة والقلق والرّهبة من المصير بعد الموت إلا بطلب الرّحمة والسّلام لأرواح الموتى من المصدر المطلق للرّحمة والسّلام كما تمثّلته الأديان.
اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام
اللهمّ ارحم موتانا وتقبّلهم عندك في دار السّلام وتغمّدهم برحمتك ولطفك وعفوك وكرمك يا ذا الكرم والجود والإحسان…
فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) ۞ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127).
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) مريم.
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) مريم.