صالح التقاز
تتساقط المشيخات السلفية الواحدة تلوى الاخرى متحولة من شعار “بندقية لاجل السلف” الى شعار “بندقية لاجل السلطان”
لم يدخر هولاء الشيوخ جهدا مادي ومعنوي تطبيقا للشعار الاول لاغراء الشباب المتعطش للتدين وتحشيده معرفيا وثقافيا وعقائديا و”جهاديا” حتى أصبحنا نرى الغريب في القول والملبس والسلوك والتدين والتعبد لدى شباب في مقتبل العمر لا تربية اجتماعية له، رافض لكل مختلف عنه ومكفّر له لا هدف له الا سفك الدماء، دماء “الكفار” أولائك الذين يختلفون عنه ولو وحدوا الله وشهدوا لنبيه بالرسالة.
مبلغهم من المعرفة ان الحق ما قال “السلف” واذا قال “السلف” فلا تعقيب وليس للمعقب الا الحديد والنار. (بطبيعة الحال “السلف” الوارد في خطب شيوخهم الملازمين للبلاط وموائده).
تطور الامر وتغير المحيط العام والخاص وغير البلاط ديكور ثقافته وماعاد الامر يتعلق بالسلف بل بالسلطان وما على المشيخة الا استنباط الفتاوى المناسبة لواقع جديد انتقل من توحيد الربوبية والالوهية والصفات الى توحيد الترنبية والنتياهية (Trumpisme et Netanyahisme).
اختفى الشعار الاول واهل شعار بديل “بندقية لاجل السلطان”.
الشعار جديد غير ان اُسلوب ووسائل تطبيقه لن تتغير بطبيعة الحال ذلك ان البندقية هي نفسها وضحاياها هم كذلك لم ولن يتغيروا فهم العدو الكافر بقدسية السلطان وعصمته.
سوف تظل البندقية موجهة الى أولائك الذين لا يحبون ان تشيع فاحشة السلطة والسياسة والأخلاق في أقوامهم.
الكفر هذه المرة كفر بالحرية بكل معانيها، كفر موجب للجهاد ومسوغ للاغتيال والاعتقال والتعذيب والتذويب والنشر بالمناشير السليمانية العابرة للقارات وما على الرعية عبر القارات الا السمع والطاعة لولي الامر الملهم المقدس المعصوم بشهادة الشيوخ ذاتهم الذين افتوا من قبل للتطرف والقتل والتكفير.
انه تكفير ياخذ مكان تكفير، كلاهما يستعمل نفس الأدوات ونفس الأساليب: استقطاب شباب غض وحشره في زوايا العنف والاٍرهاب.
لئن كان دور ثقافة الاعتدال والانفتاح والتنوع وقبول الاخر أمراً صعبا في الصورة الاولى فانه استطاع المقاومة و استطاع تحقيق بعض النجاحات لانتشال الشباب من براثن التطرّف والعنف المادي واللامادي مستعينا في ذلك بما يحمله خطاب الكراهية والتكفير من نشاز وشذوذ عن الثقافة الانسانية عموما والثقافة الاسلامية خصوصا فان الامر مختلف في الصورة الجديدة، صورة الانفتاح التي انتهجها “السلطان” هذه المرة.
لم يعد الغناء والتصوير والسينما والمسرح والاختلاط من المحرمات في المنظومة الثقافية الجديدة واعتقد ان جملة من التعبيرات المرتبطة بالمشهد القديم مثل الذقن الكثيف والقميص القصير والنقاب سوف تختفي تدريجيا لتفسح المجال لتعبيرات تتماشى وثقافة تستدعي التبرج والبدلة الخفيفة القادمة من احدث دور الموضة.
لسوف يختفي سمتا رافق اتباع ثقافة التطرّف ساهم في تيسير معرفة ضحاياه للتواصل معهم ومحاولة فك تلك القيود التي احكم “شيوخ” الصلف شدها حول عقولهم وسوف يحل بيننا نوع جديد لا يختلف ظاهره عنا ولكنه يحمل كرها شديدا يجعله يصوب بندقيته نحونا ما لم نعلن على الملا اننا بندقية السلطان رضي عنه ترامب ونتنياهو.
ايّام شتوية عاصفة تهاجم ربيعنا فلنحذرها بوعي و يقين.