الجمعية الوطنية للحق في التعليم ..
علي المسعودي
هناك جمعية للمثليين هدفها تكريس المثلية كحق يكفله الدستور وواحد من الحقوق الفردية العامة.
هناك الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية، وهي جمعية تناضل من أجل تدريس اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، والاعتراف بالثقافة الأمازيغية في دستور البلاد.
هناك ائتلاف مدني هدفه تقنين القنب الهندي، وإعادة هيكلة معامل التبغ والوقيد لتصبح معامل التبغ والقنب الهندي والوقيد.
ولكن لا المثلية الجنسية مما يجيزه القانون، ولا الثقافة الأمازيغية يعترف بها الدستور، ولا القنب الهندي الحلال يباع في محلات التبغ والوقيد.
فغياب هذه “الحقوق” هو سبب وجود هذه الجمعيات.. إنها حرية الضمير.
•••
ولكن ما الداعي إلى ظهور جمعية لها اسم قطاري، هو أقرب إلى الشعار منه إلى التسمية: الجمعية التونسية للحق في التعليم للجميع.
في الواقع، لقد دفعني الخبر إلى مراجعة دستور 2014، فوجدته يكفل فعلا حق التعليم للجميع، بل وعدت إلى دستور 1957 فما رأيت فيه حقا أوضح من هذا الحق.
الغريب أن رئيس الجمعية هو نفسه الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي، وأن أمين مالها هو عضو المكتب إياه الشيخ أحمد المهوك، الذي نذر حياته للنضال ضد الامبريالية والعولمة والتطبيع، أنار الله دروبنا بمصابيح علمه وتقواه !
والغريب أن الجمعية، التي تستطيع أن تلتئم للتشاور في مكتب الجامعة، وتتلو قراراتها الرسمية في حلق الوادي، تلزم نفسها بعرض تقاريرها على الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي !.. وكأن تنقيحا طرأ على الهيكلة العامة لجامعة الثانوي دون أن يتكرم كريم بلفت انتباهنا !.
والأكثر غرابة أن الجنرال، الذي أصبح بدوره قائد أركان الجامعة والجمعية معا يرفض كل تساؤل أو انتقاد ولا يجيب إلا بالعبارة العسكرية المعهودة: هؤلاء جرحى معركة الانتخابات، ليس على الجريح حرج، ولكن ليس علينا واجب الردّ.
إذا كانت نقابة قطاعية بطم طميمها ينتسب لها مائة ألف مدرس، ناضلت حتى انقطعت أنفاسها من أجل تعليم ديموقراطي ومدرسة شعبية، مجانية وعمومية، وانتهت إلى ما نحن فيه من بؤس، فهل في تأسيس مثل هذه الجمعية إقرار خفي بفشل الجامعة العامة في تجسيم شعاراتها الثورية، وأنه لا بديل عن دعم سايروس وأموال مؤسسة المجتمع المفتوح من أجل إحداث اختراق في المسار ؟؟!
إذا كانت هذه خطوة نحو مراجعة المسار النقابي واعتراف بخطايا النضال، فأنا أول من يبارك مبادرة الرفيقين، وأدعوهما إلى مخاطبة الجهات المانحة السخية من أجل إيجاد حل سريع لأجور المدرسين في تونس ثم حل الجامعة العامة نهائيا.. وعندها سيتكفل سايروس بالمطلبية، والشعارات سيتم ترحيلها من الجامعة إلى الجمعية… وهكذا نستطيع أن نضع فضاءات الجامعة على ذمة حفلات الزواج الجماعية للمدرسات والمدرسين والتي سيمولها بالطبع سايروس العظيم.. وسيكون الشيخان اليعقوبي والمهوك شاهدي عدل !!!.
أنا لا أتبنى في هذا النص موقفا من العولمة، ولن أكفر مُطبّعا، حتى لا أجرّم كثيرا من إخواننا اليهود.. ولكني رجل أحب الانسجام !.
•••
هل لي أن أذكر المكتب الجامعي في الجمعية أن المقارنة مع جمعية المديرين والنظار لا تجوز، وأن المعركة ليست معركة حدود. المديرون والنظار مثل عرب 1948، أصوات ولا صوت. ولو كانت الجامعة ممثلة فعلا لهذه الفئة لما احتاجت إلى تجميع أصواتها عبر هذا الهيكل الجديد، وهو لا ينفي تداخل أهدافه مع عمل جامعة عامة تخلّت طوعا عن منظوريها من أجل حسابات ضيقة ضيق أفق أصحابها، وأنه بهذا التمشي، سيأتي يوم لا تكاد تجد فيه أستاذا بخطة مدير… وعندها لا ينفع الندم النادمين !.
هل لي أن أذكر المكتب الجامعي في الجمعية أن كثيرا من خريجي جامعاتنا هم أيضا، بلغة العصر، أميون. وأنه من الأولى مواجهة أصل الداء بدل العرض. وأن برامج محو الأمية اليوم هي عقيمة، وأن جمعيتكم مثل دار الأيتام، تقدم الرعاية لكل لقيط من اللقطاء، تخلت عنه، درءا للفضيحة أم عزباء !!..
هذه الأم المغتصبة هي منظومة التعليم، وهذا اللقيط أنتم آباؤه الذين أنكروه !.