أين الحكمة من إقحام الاتحاد في اللعبة الإنتخابية ؟
مصبـاح شنيـب
ظل الاتحاد العام التونسي للشغل عبر جل مراحله وأزماته نائيا بنفسه عن الانخراط في اللعبة الانتخابية الا في فترات محدودة لم يكن فيها الانخراط محل استحسان من لفيف واسع من النقابيين. رغم كونه على المستوى العام لم يكن بعيدا عن النهوض بأدوار سياسية معينة وخصوصا في الأزمات المختلفة التي هزت البلاد. وطالما ان تموقعه الطبيعي يفرض عليه الحضور الفاعل صلب الحقل الاجتماعي فإنه يظل معنيا بالسياسات العامة للدولة حفاظا على معيش محترم لمنظوريه.
ورغم كون بعض قيادييه يجدون مسوغات قوية لتبرير تداخله في الشأن السياسي من جهة دوره الوطني البارز فهو في رأيهم ليس مجرد منظمة نقابية بل هو منظمة وطنية حملت على أكتافها قضايا الوطن وهمومه لعقود من الزمن.
غير أن الثابت هو ان الاتحاد فضل دائما ان يظل مراقبا للعملية الانتخابية التي لم يجرؤ في حالات ضعفه حتى على إدانة التزوير الذي كان سياسة منتهجة طيلة حقبتي بورقيبة وبن علي .
وتتعالى -اليوم- أصوات بعض قيادييه للزج به في اللعبة الانتخابية عبر تدابير لا يراها كثير من النقابيين وجيهة لأنهم يخشون أن يفقد الاتحاد دوره التعديلي في الحياة الوطنية اذ ظل في عديد الأزمات صمام امان وأحيانا ملاذا لأطياف سياسية استظلت بغطائه لوقت معلوم.
ذلك انه ليس من مصلحة الاتحاد الاصطفاف وراء الشعارات السياسية في هذه الفترة الغامضة من حياتنا العامة التي تشقها صراعات محتدمة فمجرد تصنيفه في خانة معينة يجعله يفقد المكانة الفضلى التي يحظى بها لدى التونسيين بالرغم من كون هده المكانة قد تضررت كثيرا جراء الانحياز النقابي المفضوح وجراء التصرف الأرعن لبعض قادته بتعجلهم في التموقع السياسي والايديولوجي وهو تموقع لم تفلح اللغة الدبلوماسية في حجبه.
الاتحاد العام التونسي للشغل إرث ثقيل معلق برقاب قواعده وقادته فلا يجوز -في تقديرنا- الزج به في اللعبة الانتخابية بل الأفضل له أن يظل فوق هذه الصراعات السياسية حتى يجد التونسيون يوم يضيق بهم الحال في بلدهم ملاذا امنا.
الاتخراط في اللعبة الانتخابية بالنسبة الى الاتحاد هو جرعة سياسية زائدة ترى بعض الأطراف السياسية فيها ملجأ مريحا لكنها مخاطرة كبرى غير مأمونة العواقب.. فليبق الاتحاد مستقـلا.