“المسيو جاك” في رمضان
رمضان في مرسيليا
من حكايا الوالد رحمه حول رمضان بمدينة مرسيليا الفرنسية مطلع السبعينات، أنه وبدخول شهر رمضان الكريم بين العمال العرب بالشركة التي يعمل بها والمتخصصة في إصلاح أعطاب الطرقات والتي كانت تضم ما يزيد عن 100 عامل.
يذكر أنه اجتمع بهم المسؤول المباشر عن العمل “المسيو جاك” في اليوم الأول من رمضان لمعرفة الصائم من غير الصائم، الصائم إلى هنا والفاطر إلى هنا، فالتحق أغلب العمال بمن فيهم تاركي الصوم إلى صفوف الصائمين يقينا منهم وطمعا في أن المسؤول سينظر إليهم دون أدنى شك بعين الرحمة ويحيل إليهم الأعمال المريحة وغير الشاقة، حتى إذا استقر أمر الفريقين، أحال “المسيو جاك” المفطرين إلى أعمال ظليلة وقليلة الضجيج وأحال الصائمين إلى أعمال تنجز تحت الشمس الحارقة وتتطلب مجودات بدنية مضاعفة.
استمر الحال على ذلك عدة أيام، و”المسيو جاك” يدعو كل صباح وقبل توزيع العمل جموع العمال من العرب إلى التجمّع، الصائمون من هنا والمفطرون من هنا، فيلتحق كل عامل بفريق العمل ولكن كل يوم يلاحظ “المسيو جاك” تقلص فريق الصائمين لحساب فريق المفطرين، فيزيد من إجهاد الصائمين ويخفف الحمل عن المفطرين، حتى إذا لاحظ أن عدد الصائمين استقر وليس فيه زيادة أو نقصان رغم الأعمال الشاقة التي تسند إليهم يوميا قرر في الصباح الموالي قلب الأوضاع وإرسال المفطرين إلى الأعمال الشمسية والتي تتطلب مجهودات بدنية مضاعفة وأحال المجموعة الصغيرة من الصائمين إلى الأعمال الظليلة مع تمتيعهم برخصة مغادرة العمل قبل ساعة ليتمكنوا من الوصول باكرا لإعداد طعام الإفطار.
رحم الله الوالد وجميع موتانا ورحم الله “المسيو جاك” ببركة هذا الشهر الكريم.
تقبّل الله صيامكم