العدوّ الداخلي والعدوّ الخارجي..

محمد ضيف الله
إن لم يكن لك عدوّ، فاصنع عدوّا، هكذا تحدث صامويل هانتغتون عن الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، والحقيقة أن الأمر لا يتعلق بالولايات المتحدة دون غيرها من البلدان وفي كل الأزمنة تتخذ الأمم والشعوب أعداء حتى تحافظ على مستوى من الشحن الداخلي ومن القدرة على المنافسة مع الآخرين. وعندما يسقط عدو يحتل مكانه عدو آخر وهكذا، فالرومان بعد القضاء على قرطاج، اتخذوا من البرابرة أعداء. ولكم أن تقيسوا عليهم ما كان في مجالات أخرى.
وأما تونس فبعد رحيل المستعمر المباشر، حكمت عليها الجغرافيا والسياسة أن لا تتخذ لها أعداء، بقدر ما هي بلد لا تتوفر له مقومات الدولة ذات الإشعاع الإقليمي، ولا يمكنها أن تكون منافسا للبلدان المجاورة ترابيا أو بحريا.
في مثل هذه الحالة، يكون العدو داخليا. وهذا ليس جديدا، يكفي أن نتذكر الصراع بين الباشية والحسينيىة الذي امتدت مفاعيله إلى ما بعد انتصاب الحماية. ولعل الصراع اليوسفي البورقيبي لا يخرج عن هذا المنطق. بل أن الدولة تأسست على وجود عدو داخلي واجهته بمحاولات الإقصاء والاستبعاد.
ولا تخرج عن نفس المنطق حالات العداء التي تشق الساحة حاليا بمختلف تجلياتها وخطاباتها، وطالما هي مستمرة فلن ينجح مشروع مهما ادعى ومهما كانت عطاءات أصحابه. العدو الداخلي يقود إلى تآكل القوى الداخلية، خلاف العدو الخارجي الذي يحفز كل القوى في سبيل التقدم.
البحث عن عدو حقيقي وحده كفيل بتحريك عجلة التاريخ. غير ذلك مكينة تتآكل.

Exit mobile version