فتحي الشوك
أتساءل لماذا يصرّ بعض الأكادميين من المغضوب عليهم ومن المطرودين من جنّة معرفتهم ومن المفروزين، ممّن لفظتهم مشكاة أنوارهم وممّن هرسلهم وطاردهم جنود معبدهم، على أن يتهافتوا تباعا، طوعا وبدون موجب معلنين الولاء والبراء ليتطوّعوا كفريق دفاع عمّن ينكر عليهم كلً صفة أو علاقة بالعلم والمعرفة بل ويعمل على أن يمنعهم الهواء الًذي يتنفّسونه.
كما أتساءل أيضا عن حسابات بعض السّياسيين الّتي تجعلهم يقفون إلى جانب من لا يكنّون لهم أدنى احترام بل يعتبرونهم فضلات وجب التطهّر منها.
هي الحرّية، يقولون وهي كلّ لا يتجزّأ، وما تقيّأته تلك “الأكاديمية” وروّثت به الفضاء ولوّثت به الأجواء، يدخل في بابها الّذي من دخله فهو آمن حتّى ولو دنّس مقدّسا أو تجرّأ على محظور لم يسبقه إليه أشدّ الاستشراقيين حقدا على ثوابت الأمّة.
قد يكون لهؤلاء كلّ الأريحية وسعة الفكر الرّحب المتقبّل للفكرة مهما كانت مختلفة أو صادمة لكن عليهم أن يتخيّلوا وقعها وتأثير صدمتها فيمن قصفتهم مباشرة ولا أحد يمكنه ضبط انفعالات منفلتة قد تصدر من أحدهم انتصب يتكلّم باسم المقدّس محتكرا إيّاه ومدافعا عنه.
فكيف للدّولة الّتي ضرورة تحمي ذاك المشترك ألّا تدافع عنه إن استدعيت لذلك أو طلب منها ذلك، أليست هي المنظّمة لفضاء الحرّيات حتّى لا تحدث الفوضى أو تتصادم المجالات؟
أليست هي الوحيدة من تمارس العنف الشرعي الرّادع للانفلات وقانون الغاب؟
لا أعتقد أنّ ما دوّنته تلك المدّعية يرتقي إلى مستوى الأفكار التي تناقش وتدحض بالأفكار فغايتها لم تكن كذلك، مثلها مثل التي أصدرت كتابين من عاصمة الظلمات تصرّ على أن تصنّفهما تاريخا مع أنّ مؤرّخنا العالم هشام جعيط اعتبرهما مجرّد تخريفات.
والسّؤال الأهمّ ما الّذي يجعل هؤلاء يتهافتون ويجرؤون على مسائل تعتبر ثوابت في المخيال الجمعي ويستحدثون مسائل لم تكن خلافية لجعلها كذلك؟
إنّ الوقوف إلى جانب هؤلاء المتعالمين لا يعتبر وقفة مبدئية مع حرّية التعبير أو التفكير أو الضّمير بل مساندة لهم في مشروعهم التدميري الممنهج والّتي نتيجته في النًهاية تدمير لتلك الحرّية المدافع عنها وتخريب للإنسان الذي سيمارسها.
تأكّدوا سادتي المحترمين، أكاديميين كنتم أم سياسيين، الوافدين من كلّ فجّ لزيارة المعبد، أنّ حرّاسه لن يقبلوكم أعضاء في مجمعهم الكهنوتي حتّى وإن أبدوا لكم حسن الاستقبال، ولن يعرفوكم حتٌى وإن غيّرتم جلدكم!