الاتحاد العام التونسي للشغل ما علاقته بالشغل ؟

نور الدين الغيلوفي
سؤال بريء جدّا…
1. سيقال لك إنّك عدوّ العمل النقابيّ إن أنت قلت ما لا يقبله سدنة المعبد النقابيّ وذكرت الكهنة بغير ما يرضيهم.. وسيصِمونك بكلّ صفات الذمّ التي تحتويها شعابهم وجعابهم والتي لا يملكون غيرها.. إلّا أن تقول ما يرضيهم وتنحاز إلى صفّهم وتتعامى عمّا يفعلون ممّا لا ينفع ولا يمكث..
2. الشغل، عندهم، يعني اللاشغل.. انظر عدد القيادات النقابية المتفرّغين وابحث عن إنتاج ممكن لهم وعن إسهام وحيد منهم في دورة الاقتصاد الوطنيّ.. وانظر إلى النقابيين المباشرين وراقب نسبة عملهم وقارنها بنسبة غيابهم.. قل لهم: إنّ النضال النقابيّ تطوّع بالأساس.. وبذل لا أخذ فيه.. وتضحية لا مصلحة تلحق فاعلها.. وقل لهم: النقابيّ قائد.. والقيادة منزلة يبلغها المرء بعمله لا بكسله وبتفانيه لا بانتهازيته.. قل لهم: النقابيّ قدوة.. والقدوة يغشى الوغى ويعفّ عند المغنم.. سيرجمونك بأقرب حجر إليهم.
3. الشغل يعني الاحتفالات والمؤتمرات والاجتماعات والمفاوضات.. ويعني الإنفاق عليها من مال التونسيين ومن وقتهم.. ويعني الأكل إلى حدّ التخمة غير بعيد عن شعب يهدّده الجوع.. وأن تشرب حتّى ترى الديك حمارًا والمواطنون المسحوقون تحرقهم نيران الأسعار ويرهقهم العجز ويقهرهم الفقر.
4. الشغل يعني الإضرابات التي لا تتوقّف: نُضرب لتحسين أوضاعنا.. ونُضرب لعدم استجابة الطرف المشغّل لمطالبنا كأنّنا نشتغل لأجله.. ونضرب لاستجابته غير المرضية إن هو استجاب.. ونضرب لتعثّر المفاوضات.. ونضرب استجابة لتناقضات المشهد السياسي.. نضرب بسبب عملية إرهابية.. ونضرب لإيقاف نقابيّ فاسد أو لاعتقال سياسيّ مجرم أو لمنع السفر عن قياديّ نقابيّ سابق مورَّط حتّى أذنيه في كلّ الجرائم.. كلّ السياقات مناسبة للإضرابات.. لذلك فنحن أنجزنا ثورة لأجل أن نضرب عن كلّ فعل وعن كلّ حركة.. أن نضرب عن الحياة.
5. الشغل يعني الصراخ حينا والنواح أحيانا إذا اختار الصندوق الانتخابيّ غير ما نريد.. وترديد عبارات من قبيل: لن تمرّوا.. ولن نسكت.. ولن نترك لكم البلاد.. ولن.. ولن…
6. الشغل أن نقطع الطريق ونعطّل المرافق الصحية والتعليمية.. ونعطّل الإنتاج.. وأن نفرح كلّما اشتدّت الأزمات واستحالت الحلول.. الشغل أن نمارس الابتزاز في الخفاء وأن نصرخ بطهورية المسيح أمام العدسات.. أن نفسد في الظلّ ونتظاهر بالإصلاح أمام الأضواء..
7. لأجل كلّ ذلك يحقّ لكهنة المعبد النقابي أن يحتكروا الاحتفال بعيد الشغل تعبيرا عن فرط تعبهم من الشغل.. فمن ينهكه العمل طوال السنة يحقّ له أن يتوقّف عنه يوم الفاتح من شهر ماي كما يتوقّف محارب أنهكته الحرب.. يستريح ليستأنف ما كان فيه.