دوّار البلاهدية
الأمين البوعزيزي
تنقلت صحبة رفاق درب الآلام إلى #دوّار_البلاهدية بمنطقة #مغيلة لتقديم واجب العزاء للعائلات المنكوبة.
نساء يصطادهن بعض أصحاب الشاحنات المقتتاة قرضا ربويا مجحفا من “الليزينع”. وعليهم تدبر خلاصها قبل أن تبلى في ظرف عام فقط بسبب شبكة طرقات بلا طرقات… يتولى جمع المفقّرات من منازلهن المتناثرة ويتولى لاحقا بيعهن إلى أحد الفلاحين (الفلاح ليس لديه وقت للبحث عنهن أو مجادلة كل واحدة منهن؛ بل يكتفي بوفقة شيلة بيلة مع صاحب السيارة الذي يشحنهن بالجملة ويقبض ثمنهن في حدود عشرة أو أثناش دينار؛ يقتطع منها معلوم الشحن ويسلمهن ما تبقى… يتم نقلهن إلى حقول تبعد ما بين الأربعين والستين كلم. لذلك يستفقن فجرا ويعدن مغربا… طبعا الشحن دون شروط سلامة ودون تأمين والشحن أصلا غير قانوني… لذلك أبسط حادث تكون الخسارة فادحة… نقل الدجاج المعلب قانوني وخاضع لشروط الصحة وهؤلاء النسوة وضعهن تماما كما وضع قوارب الحرقة نحو شمال المتوسط… قوافل موت…
من استقبلونا طيبون عفويون… أكثر ما تردد على ألسنتهم: هل نحن نعيش في دولة أم لا؟
مطالبهم بسيطة جدا: شبكة طرقات لتفك عنهم العزلة وظروف نقل تضمن الحدود الدنيا من السلامة… لم يطلبوا صدقات ولا منح بل طالبوا بشروط دنيا تليق بالبشر وتحسسهم بالانتماء إلى أسطورة تسمى وطن…
وأنت تقفل عائدا يطلبون منك: صَوّرنا…
نعم ذاك يشبع إحساسا بالانتماء إلى ما يسمى وطن… لقد نالوا نصيبهم من وطن أخذ لهم صورا… ذاك ما طلبته مني واهبات الحياة صاحبات التقريطة المنورة… آلهات الحضارات القديمة قبل الانقلاب الفالّوسي الحقير…
في طريق العودة عيناك تفقد كل الألوان عدى الأسود والأبيض…
في طريق العودة من التاريخ الذي توقف هناك عند حدود منتصف القرن الماضي توسوس لك نفسك بأشياء كثيرة… وتتساقط من ذهنك كل الأساطير الوطنجية جدا… تكفر تكفر تكفر تكفر تكفر… تصرخ تصرخ تصرخ تصرخ تصرخ تصرخ يسقط كل بنيان يقبل بشحن البشر في ظروف خلناها ولت مع أزمنة عار البشر…
ما أقسى دموع شيوخ وأمهات لا يملكون إلا دموعهم😴
————- إن لم يتحوّل يوم 27 أفريل إلى محطة فاصلة بين واقع الألم وواقع الأمل؛ فكلنا/كلكم شركاء في تأبيد العدوان… أي فعل سياسي لا يضع حدا لهكذا إذلال وعبودية هو محض جريمة… الوضع ليس وضع تعاطف عابر…
✍الأمين.