ليلى حاج عمر
درّست قبل الثورة في الشمال الغربي وكنت أشاهد كلّ يوم تقريبا تنقّل عاملات فلاحيات بالجرّار أو الشاحنات القديمة في فترة كانت فيها الجمعيات النسائية الرسميّة تهلّل لمكاسب المرأة التي تحقّقت بفضل سيادته. وفي القسم كنت أدرّس بعض بنات هؤلاء العاملات وأذكر أني، ونحن على مشارف الصيف، تمنّيت عطلة مريحة للتلاميذ فقالت لي إحدى الفتيات (15 سنة تقريبا) سيدتي نحن لا نرتاح. نقضي شهر جوان في اقتلاع الثوم في درجة حرارة مرتفعة لا يحمينا منها شيء غير أغطية متراكمة على رؤوسنا. ونقضي بقيّة الصيف في مساعدة أمّهاتنا في العمل الفلاحي والمنزلي. وبعضهنّ يمرض.. ويموت.
بعد الثورة ظلّت هؤلاء النسوة مجرّد خزّان انتخابيّ، ولا أستثني أحدا.
هؤلاء لا يحتجن بكائياتنا ولطمياتنا ورثائياتنا، ولا شفقتنا، ولا المساعدات المنطوية على ابتزاز مفضوح، ولا الوعود المضمّخة بالنفاق ومن يريد لهنّ أن يكنّ مواطنات حقيقيات عليه أن يعمل على توحّد القوى المؤمنة بالإنسان هنا حول مشروع اقتصادي واجتماعي عادل غير مستحيل وعملي.
التوحّد مستحيل؟ والنرجسيّات غالبة؟ والزعاماتية مهيمنة؟
طيّب ليبحث الجميع عن شعب ينتخبهم.