الشّبيبة الشّيوعيّة تفسد ندوة علميّة…

صالح التيزاوي
أقدمت الشّبيبة الشّيوعيّة المنتسبة للإتّحاد العام لطلبة تونس وبطريقة همجيّة وعلى طريقة محاكم التّفتيش على إفساد ندوة علميّة تستهدف فهم وتفكيك ظاهرة الإسلام السّياسي.
لم يستسغ الرّفاق حضور وجهين بارزين من حركة النّهضة وكأنّ الكلّيّة “مقاطعة شيوعيّة” وجب “تحريرها” من زوّار ليسوا على هوى الرّفاق، حتّى وإن كان حضورهم بدعوة رسميّة من جهات رسميّة بالجامعة. سلوك يعكس مدى الإنحدار الأخلاقي لتلك المجموعات التي مازالت تقتات من خطابات ماضويّة مشبعة بالكراهيّة والتّعصّب وقد حان الوقت لتجاوزها لمصلحة الجميع.
ما أشبه اليوم بالباحة!! ما حدث بكلّيّة الآداب بمنّوبة يعيد إلى الأذهان ليلة “السّكاكين الطّويلة” في مطلع الثّمانينات بذات الكلّية عندما أقدم أسلافهم من شرّاح الماركسيّة اللّينينيّة الستالينيّة مدفوعين بنفس الأحقاد على ارتكاب مجزرة بحقّ زملائهم من الطّلبة وشركائهم في الوطن وفي المعارضة وفي الإنتماء لذات الطّبقة المفقّرة والمهمّشة. حدث ذلك تحت أنظار الحزب الحاكم. ومن كتبت له يومها النّجاة من سكاكين وسلاسل وهراوات الرّفاق تكفّلت أجهزة بن علي بسلخه في مخافر الشّرطة بعد أن دلّ عليه الرّفاق. كانت حجّة رفاق الأمس في منتهى السّخافة “لا حرّيّة لأعداء الحرّيّة”. أمّا رفاق اليوم من جيل الأبناء فإنّ حجّتهم أكثر سخافة “حماية منابر الجامعة وأنشطتها العلميّة والأكاديميّة من التّوظيف السّياسي والحزبي” و”المسّ من استقلاليّة القيم العلميّة” !! كما جاء في البيان الفضيحة تحت عنوان “بيان مشترك” جاء يضفي الشّرعيّة على سلوك من مردوا على خرق قواعد العيش المشترك…
فمن أعطاكم حقّ الولاية على منابر الجامعات؟ ومن أعطاكم الحقّ لتقرّروا ما يجوز طرحه من أفكار وما لا يجوز؟ وإذا لم تقم الجامعة معقل الفكر والتّنوير بتفكيك العلاقة بين الظّاهرة الدّينيّة والظّاهرة السّياسيّة والإستفادة من التّحارب القريبة، فمن تراه أقدر على القيام بهذه المهمّة؟ وبعد الذي فعله حملة الفكر الإقصائي.. من هو العدوّ الحقيقي لحرّيّة الفكر؟
لو أنّ النّدوة كانت على هوى الرّفاق وحضرتها وجوه من خارج الجامعة بل حتّى من خارج الوطن ولو حضرها شذّاذ الفكر والآفاق وحتّى لو حضرها شياطين الأرض ومهما طرحت فيها من أفكار لكان ذلك في عرف الرّفاق انفتاحا للجامعة على محيطها المحلّي والإقليمي والعالمي وعلى الثّقافة الكونيّة.. وللرّفاق قدرة عجيبة على تزيين خطاباتهم الخشبيّة بالكلمات والجمل الرّنانة التي تجعلهم في مقام من يتوهّم الحداثة وفي مقام من يتوهّم النضال والبطولة ويدرك وحده الحقيقة.
أعتقد أنّ الرّفاق هم آخر من يتحدّث عن التّوظيف السّياسي والحزبي، فهم ماهرون في ركوب الأحداث وماهرون في التّسرّب إلى الهيئات والمنظّمات لتوظيفها كما تسرّبوا إلى لجان تفكير التّجمّع المنحل. لقد كنت حاضرا بصفة تكاد تكون يوميّة في اعتصام الصّمود لأساتذة التّعليم الثّانوي بمقر وزارة التّربية وكنت شاهدا على حضور وجوه من الجبهة الشّعبويّة بصفة يوميّة. ألم يكن ذلك توظيفا حزبيّا فجّا لهيكل نقابي ومسّا من استقلاليّة المنظّمة الشّغيلة ودعاية انتخابيّة؟!

Exit mobile version