كمال الشارني
كلما “تزوز عليّ غلبة”، أفكر في انتقام الكبرياء بإعادة ترتيب فوضى هذا العالم بالطريقة الوحيدة الممكنة لي دون محاسبة: كتابة رواية مدوية عن قاض تونسي “ولد أمه”، يقرر أن يغادر مكتبه لتحقيق العدالة وضبط المجرمين:
موظفون عموميون يرفضون العمل، بوليسية في سيارات رباعية الدفع لا يبالون بالإجرام أمامهم، شنغالات بلدية تصطاد سيارات الفقراء وتحمي سيارات الرشوة، منحرفو الأسواق والمآوي غير الشرعية، صعودا نحو رؤساء البلديات الموافقين على أكشاك الأرصفة ونصابي الطريق العام، وصولا إلى أصدقاء الولاة في المطاعم والمقاهي الفاخرة التي أكلت الرصيف وثلثي الطريق، إيه ووزراء الصفقات العمومية الكاذبة في مواعيدها وفي مطابقة المواصفات، هذا القاضي ليس “ولد أمه” فقط، يجب أن أخترع له حماية إلهية لكي لا يجن وسط هذه الفوضى وكثرة الأعداء من الأصدقاء، روائيا: من الأفضل أن يموت قتيلا على يد أقرب الناس إليه مثلا وهو في حالة عمل وفي وقت مبكر من حربه على الفساد بدل أن تغلبه الماكينة وتدفعه إلى الجنون بإقناع أقرب الناس إليه (إلا أمه) أنه فاسد ماسوني مثلي يغتصب الأطفال، يغيظني حاله، وحيدا وسط شعب يحب الفساد، يغضب حين “تزوز عليه غلبة” لكنه يزوزها على أخيه كل يوم، لا يستحق قاضيا ولد أمه ولا حتى ولد الجيران.