نور الدين الغيلوفي
لا شكّ أنّ المهرولين إلى تسمية ثورات الشعوب العربية بالربيع العبريّ، من أولئك الذين كشفت الثورات عجزَهم عن اللحاق بها وفهم تشابكاتها، قد أُرتج عليهم أمام ثورتي الجزائر والسودان.. التبست عليهم الأمور واختلط عليهم الخيط الأبيض بالخيط الأسود من الفهم ووجدوا أنفسهم خارج مدار التبيّن.. لأنّهم أمام شعب جزائري خرج بأكمله ضدّ عصابة الحكم وقد وقى نفسه إلى حدّ الآن، من كلّ اختراق يلوّث حراكه رغم ما كانت زرعته تلك العصابة من مناخات للإرهاب طيلة ما يسمّى بالعشرية السوداء وجعلت منها فزّاعات تحول دون أيّ احتجاج على السلطة أو اعتراض على سياساتها.. وأمام شعب سوداني خرج في وجه طغمة عسكرية حاكمة جاءت من ظهر حركة إسلامية حمقاء جعلت من العسكر أداة لها للانقلاب على تجربة ديمقراطية شهدها السودان إثر ثورة.. فما كان من العسكر إلا أن استعملها لبسط نفوذه على دولة بحجم السودان، طالما سمعنا عن كونها سلّة غذاء العرب، أسلمها للاحتراب والانقسام وشعبها للفقر…
يحتاج هؤلاء خلطةً بين العبري والعربي تسعفهم بفهم ما يجري.. وستسعفهم البلاغة ويجدون خلطتهم السحرية.. أمامهم بعض الوقت لضبط المقادير وتحديد المكاييل لا غير.. ولقد كانت لهم سابقة في الكيمياء لمّا قسموا حركة حماس إلى فصيلين، وفاءً لمحدود فهمهم: فصيلٍ كتائب القسام الذي أجازوا له المقاومة وهم جاثمون بين أدخنة مقاهيهم، وفصيلٍ تركوه خارج جنة رضوانهم فكان بقضائهم وقدَرهم عميلا…
لن يدرك هؤلاء أنّهم، إذا أحسنّا الظنّ بهم، حمقى استولى على عقولهم غلمان من أعراب النفط فعطّلوا أفهامهم ببعض الرزّ أو ببعض الإعلام الزائف.. أمّا إذا أسأنا الظنّ بهم قلنا: إنهم هم صنيعة الصهيونية نجحت في إظهارهم واجهةً لممانعة زائفة مثل تلك التي يمارسها النظام السوري التي لم تخرج من مربّع الكلام والتوعّد بالردّ أمام عدوّ صهيوني ظلّ لعشرات السنين يفعل به فعل العشيق يعاشره بالليل ويهاجره بالنهار…
سننتظر أدخنة تندلع من صوامع هؤلاء في وقت معلوم لتُلحق الشعبين الجزائري والسوداني بالعبريين.. ثم يعودون إلى مقاهيهم ليستكملوا آخر أنفاس سجائرهم في ممانعة استثنائية بكلّ المقاييس.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.