تدوينات تونسية

في تلويث الحرية بمناسبة حفتر وواجهاته

نور الدين الغيلوفي
حين يكون من بين التونسيين مَن يدعم أسير الحرب الانقلابيّ، صنيعة المخابرات الأمريكيّة في ليبيا الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، ويشيد به ويساند هجومه على طرابلس نكاية في مخالفين له في الفكرة من أبناء جلدته من شركاء جنسيته، فنحن إذن مجتمع مخترَق معتلّ مختلّ تشقّه تصدّعات أفقيّة وعموديّة يعسر لحمُها وبه شروخ حادّة يصعب لأمُها…
لا تقل لي إنّنا بلاد الشعب الواحد والدين الواحد والمذهب الواحد والتاريخ الواحد والثقافة الواحدة والتضاريس الواحدة.. نحن مجتمع ملوَّث نجحت دولة الاستقلال وريثة الحقبة الاستعمارية، في إفساده وإتلاف مناعته.. نحن ظواهر صوتية صاخبة بلا معنى.. نتحدّث عن التعدّد ولا نسمح به.. ونلهج بالاختلاف ولا نؤمن به.. ونبدع في صناعة الخلافات وزرع التناقضات وإبداع المناكفات واستنبات الشقاقات وتغذية العداوات.. نتاجر بكلّ شيء لقاء لا شيء.. فلا مقدّس يجمعنا ولا مشترَك نلتقي عليه… في كلّ مرّة يتّسع الشرخ ويمتنع اللقاء.. صحيح أنّنا لا نستعمل في عراكنا القوة الصلبة ولا نتداول لغة السلاح ولكنّ القوّة الناعمة في البلاد من مثقفين وسياسيين وإعلاميين وفنّانين لو أنهم استطاعوا رفع السلاح لأفنوا من على الأرض جميعا…
هل وجب على كثير منا أن يخرسوا حتّى نعبر إلى فعل ينفع الناس ويمكث في الأرض؟ أليس أنّ الحرب يفتحها الكلام؟
أو ليست الحرية قيمة القيم وسيدة المعاني ومفتاح كلّ عبور؟
لماذا نستثمر حريتنا في الهدم وزرع الفرقة ونستعملها في التكفير والتبديع والتفسيق ونستغلّها في التخوين والتهويل والتهوين؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock