برلمان 2014 لم يكن برلمان الثّورة، لكنّه لم يكن كذلك برلمان بن علي…

عبد اللطيف علوي
رغم كلّ ما قيل في تلك النّتائج، فقد مكّنت الثّورة من البقاء على الأقلّ في وضع الجهوزيّة الاحتياطيّة “stand by”.
أحيانا لا يكون مقياس النّجاح ما استطعت أن تربح… وإنّما ما استطعت أن تنقذ من الخسران… بهذا المعنى يمكن لمن كان وطنيّا واقعيّا أن يجد من الأسباب ما يسعفه بالفرح… فبلادنا المحكومة بتجاذبات الشّرق والغرب، مرّت بجوار حرب أهليّة كان عنوانها الرّئيسيّ تصفية الرّبيع العربيّ، ولو أدّى ذلك إلى تصفية شعوب ودول بأكملها…
صحيح أنّ هذا البرلمان لم يأت معبّرا عن الإرادة الشّعبيّة الكاملة الحرّيّة، بحكم ولادته تحت الضّغط والإكراه والابتزاز والارتهان… لكنّه ليس برلمان بن علي… لأنّه حافظ على صوت الثورة داخله كقوّة فاعلة قادرة على فرض شروطها وحماية الدّستور والدّفاع عن الحرّيّات…
هذا البرلمان ترك أهداف الثّورة في وضعيّة “ستاند باي”، وأعطى فرصة جديدة للقوى الوطنيّة بأن تراجع خياراتها وتبني أحزابها ومشاريعها وتحالفاتها وأولويّاتها من جديد،… إنّه عبارة عن حكم على الثّورة مع تأجيل التّنفيذ لمدّة خمس سنوات، فإذا استطاعت قوى الثّورة أن تسترجع أنفاسها وزخمها وكسبت أحقّيّة الحضور في المجتمع، فسوف تعود في المرّة القادمة قويّة فاعلة قادرة على استكمال أهداف الثورة، وإذا -لا قدّر الله- تواصل مسلسل السّقوط السياسي والأخلاقيّ لأصحاب هذا المشروع، فستنتهي حالة توازن الرّعب بعد الانتخابات القادمة، ويدخل حكم التّدمير “المؤجّل” على الثّورة حيّز التّنفيذ…
يجب أن يعي الجميع بأنّنا مررنا بجانب الكارثة، لكنّنا لم ننج منها تماما. التّاريخ منحنا بهذا البرلمان فرصة أخيرة لاستعادة الأنفاس والعودة بقوّة.. وإن لم نفعل… فإنّنا سوف نضطرّ إلى دروس قاسية في التّخريب (العبارة لمظفر نواب)
ملخّص الهدرة… يا أولاد بلادي يحقّ لنا أن نأمل، ولو بكثير من الحذر… تونس لم تستطع أن تتحوّل إلى ديموقراطية كاملة مستقرّة اسكندنافيّة، لكنّها لم تعد تلك الجبّانة المحكومة بقوانين الموتى وأشباح القبور…
الآن… انتهى وقت الكلام والشعارات ومحلى القعدة على الميّة ومحلى الرّبيع… حان وقت النّزول إلى الميدان، وإنّا لقادمون.
#عبداللطيفعلوي

Exit mobile version