من "حفتر" جبا لأخيه
عبد القادر الونيسي
لم يتحرك الأسير الأمريكي السابق خليفة حفتر نحو طرابلس إلا بإذن من الإمارات ومصر والسعودية إقليميا وروسيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا دوليا.
هذه القوى المختلفة هي التي تمسك بخيوط اللعبة في ليبيا. المؤكد أن الهجوم ليس وليد اللحظة وكان يطبخ على نار هادئة في إنتظار الظروف المواتية.
التسريع بالتحرك نحو طرابلس اقتضاه الظرف الجزائري الذي بعثر أوراق عديدة وأعاد زخم الربيع العربي و توق الشعوب للحرية.
نجاح الربيع الجزائري بإذن الله ثم تماهيه في مرحلة ثانية مع الربيع التونسي في إنتظار العدوى التي ستمر حتما إلى ليبيا ثم المغرب وموريتانيا سيؤسس لحلف جديد تحكمه آمال الشعوب وإراداتها في وجه حلف الإذلال المصري الإماراتي السعودي.
لن يصمد حلف المؤامرة طويلا أمام المد التحرري الشعبي.
عندها سيستقبل العرب مرحلة تقرير المصير الحقيقية بعد سايس بيكو.
هذا السيناريو هو الذي أثار هلع قوى الهيمنة ودفعهم إلى التسريع في تنزيل خطة الحسم في ليبيا للتمركز على الحدود التونسية والجزائرية بغية ترهيب الشعبين الثائرين على الإستبداد.
بؤرة التحرر الناشئة في المنطقة العربية ترعب الغرب المهيمن على ثرواتها والماسك بتفاصيل إدارة شؤونها مما يجعل شعوب هذه المنطقة عرضة لأشد أنواع الرقابة والعنف لإستدامة السيطرة وتطويعها لمشاريع الإستسلام وخاصة التفريط في فلسطين والقبول صاغرة بكل الحيف المسلط عليها في شكل مشاريع تسوية آخرها صفقة القرن.
آخر فصول التراجيديا هو إجتماع القمة في تونس حضره رؤساء وملوك كان بعضهم على علم مسبق بما سيحدث في ليبيا.
حظروا ليمضوا على بيان ختامي يدعو إلى التضامن العربي والحل التوافقي في ليبيا في مشهد لؤم ونذالة وخداع تترفع عنه أعتى عصابات الكامورا.
تونس كانت على مدار التاريخ ملهمة الشعوب العربية كما ذكر محمد سليم العوا لكن وحدها ودون ظهير قوي لا تستطيع صنع الربيع العربي.
أفق تماهي تونس مع الجزائر الذي يخشاه الغرب سيكون إشارة إنطلاق قاطرة العرب نحو فرض سيادتها ولعل حركة حفتر الأخيرة هي القادح الذي تنتظره الشعوب للإنطلاق نحو إفتكاك إستقلالها وحريتها بعد غيبوبة طالت فرضها إستبداد الدولة “الوطنية” تحت عناوين خداعة.
من “حفتر” جبا لأخيه أوقعه الله فيه.
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}