الحفتريش على الأبواب
فتحي الشوك
المؤامرات العبرية والسعودية ومصر السيسي وفرنسا دفعوا بمرتزقة حفتر نحو الغرب في حركة استباقية لارباك واستهداف الجزائر وخنق تونس، أرتال من المدرّعات وسيارات رباعية الدفع ومئات من المرتزقة يتدافعون نحو طرابلس في واضحة النّهار وتحت أعين المجتمع الدولي الّذي يدّعي أنّه يدعم الشرعية وحكومة الوفاق ومخرجات الصخيرات، السراج كان في تونس حيث استمتع كبقية أصحاب الفخامة والسّعادة بالقيلولة وكان قد زار السعودية وأبوظبي منذ أسبوعين.
الأمم المتحدة وعن طريق ممثّلها سلامة طالما أكّد أنّ المفاوضات هي الحلّ ولا بديل عن التّوافق، فهل أجرى السرّاج صفقة ما مع اللّواء المتقاعد برعاية إماراتية سعودية مصرية وفرنسية أم تراه وقع التلاعب به ووقع في فخّ من لا يؤتمن لهم جانب؟
تحرّك الثّورة المضادّة نحو الغرب كان مباشرة إثر التّحوّلات العميقة والجذرية الّتي تشهدها الجزائر والّتي تبشّر بموجة ثانية من الرّبيع العربي بعد أنّ ظنّ خفافيش الظّلام وأعداء الحياة أنّهم تمكّنوا من وأد تجربة الرّبيع الأوّل ليتفاجأ النظام العربي الفاشي بنبع تفجّر في صحراء استبدادهم وبشعاع ضوء يشرع في مساحة ظلمتهم.
كانت الجزائر ولا زالت ترفض حفتر لأسباب متعدّدة وتمثّل له شوكة في حلقه وعائقا يمنعه من تحقيق حلمه بالسّلطة والزّعامة وهو المهوّس بالكرسي والمصاب بجنون العظمة مستعدّ لبيع نفسه وللعمالة حتّى مع الشيطان لأجل يوم شبيه من أيّام القدّافي ملك ملوك إفريقيا.
سبق لحفتر أن زار تونس وأهانها بخرقه للبروتوكولات الرّئاسة فقد دخل القصر بحرسه الشخصي المدججين بسلاحهم وكان بإمكانهم مثلا أن يحتجزوا رئيسنا المفدّى رهينة !
حفتر لا يملك دعما إلا من بعض العشائر ويستمدّ دعمه أساسا من مصر والإمارات والسّعودية وفرنسا وكان دوما يجهض أيّة محاولة لحلّ الأزمة الليبية عبر التّفاوض وطالما رفض العروض التونسية والجزائرية الّتي أرادت أن توفّق بين الفرقاء اللّيبيين.
حفتر ككلّ الطّغاة اتّخذ من إرهاب كان يصنعه مبرّرا لوجوده ولضمان تدفّق الدّعم الخارجي، وقد ارتكب باسم عملية الكرامة جرائم حرب ضدّ الشعب اللّيبي وهي موثّقة غير أنّ نفاق المجتمع الدّولي وكيله بمكيالين يجعله يستمرّ في إجرامه.
سبق لحفتر أن هدّد الجزائر الّتي اعتبرت تهديداته مجرّد فقاقيع إعلامية، وقد أكّد حينها قائد جيش البرّ الجزائري السّابق مجاهد عبد العزيز أن “الأمر يتعلق ببالونات هوائية لا تكتسي أيَّ خطرٍ على الإستقرار والأمن القومي الجزائري”، قبل أن يتابع: “قوات حفتر بعيدة جغرافياً، ولا يمكنه بلوغ الحدود الجزائرية؛ فالأمر شبه مستحيل.. وإذا ما وصل إلى هذه الحدود فسيكون الرد حينها مُناسباً”.
حفتر يسعى لأن يكون في الغرب ليفرض أمرا واقعا ويفتكّ بالقوّة ما لم يحصل عليه بالتّفاوض وكانّه يستغلّ لحظة دقيقة تمرّ بها الجزائر وربّما دفعته لذلك فرنسا وقوى الثّورة المضادّة العربية لإرباك المشهد الجزائري.
من يظنّ أن ميليشيات حفتر ستكون في شبه جولة سياحية في الغرب فهو واهم، فهو يتكبّد الآن خسائر فادحة وثوار مصراته وطرابلس سيمنعونه من تدنيس أرضهم.
الحفتريش هم الوجه الآخر للدّواعش واقترابهم من حدود تونس والجزائر يجب أن يتعامل معه بكلّ جدّية، لا أظنّ أنّ الجزائر ستقف موقف المتفرّج أمام ما يجري فحفتر: عميل لا يمثّل نفسه وهو بيدق بأيدي من يتربّصون بالجزائر وبشعبها الّذي أعطى درسا للجميع لإمكانية تغيير سلمي متحضّر لم تسكب فيه قطرة دم واحدة. حراك الشّعب الجزائري أربك منظومة الإستبداد العربي والعالمي وهو المستهدف الحقيقي من وراء تحرّك الحفتريش فهم دوما ما يستعملون مثل تلك الأدوات كما استعملوا الدّواعش لوأد أيّة محاولة حقيقية للإستنهاض من قبل الشّعوب.
قد تكون رقصة الدّيك المذبوح وهزيمة بالضّربة القاضية للثورة المضادّة ولن يكون ذلك إلّا بالصّمود والمقاومة الّتي سيظهرها أنصار ثورة 17 فبراير والمساندة الّتي على أنصار الثّورات والحياة أن يمنحوها لهم.
لا تغرنّكم عناوين إعلام عارهم ودعايتهم السّوداء، المعركة مستمرّة وطويلة وحتما ستنتصر الحياة.