تدوينات تونسية

قيس سعيّد لا يشبهنا !!

صالح التيزاوي
ما إن أعلن الحقوقي قيس سعيّد نيّته للتّرشّح إلى الإنتخابات الرّئاسيّة، حتّى انهال عليه الإعلام النّوفمبري تجريحا وتشكيكا وتشريحا لما يقول، لعلّهم يعثرون في ثنايا كلامه على “موانع التّرشّح”. وإن لم يجدوا؛ تأوّلوها من كلامه أو اختلقوها أو فسرّوها على هواهم وعلى هوى من يقف وراءهم، شعارهم في هجمتهم على الرّجل “هذا على الحساب قبل أن نقرأ برنامج الإنتخاب”.
من هم المتحاملون على الرّجل؟ وما هي اعتراضاتهم؟
استدعي الحقوقي قيس سعيد لبرنامج “تافه الشّاشة”، وما كان عليه أن يحضره، مثله مثل على العريض، إذا وقعا في الفخّ، فحضرا في برنامج، يقلّل من شأنهما ويزيد من شأن من لا شأن له في الأصل. لم يكن استدعاء قيس سعيّد من باب التّعرّف على معالم برنامجه، كما يحدث في الإعلام النّزيه.
وغاب عنه أنّ النّزاهة لا ترجى من مدلّس ومزوّر!!
ومن يطلب النّزاهة من مزوّر فمثله كمن يبتغي العنب من الشّوك!!! فهل مثله، يقول لقامة حقوقيّة في تونس “خطابك خشبيّ”؟!
لم يتأخّر “إعلامي نوفمبري” عن قطار التّشويه وقال “بأنّ الرّجل لا يشبهنا ولا يتكلّم بلغتنا”. هل أصبح الحديث باللّغة العربيّة في مجتمع عربيّ أمرا غريبا عنّا؟! ماذا لون كان فركفونيّ الهوى واللّسان؟ هل سيشبهنا في هذه الحال؟! ومن الذي سمح لـ”الإعلامي النوفمبري” أن يتكلّم بضمير الجمع (يشبهنا) ؟ إن كان لا يشبهك فهو يشبه غيرك في تطلّعهم إلى وطن حرّ وديمقراطي، ينتصر فيه العقل على الغرائز والعلم على الجهل وقيم المواطنة على العبوديّة والشّرف على… لقد قالوا من قبل عن الدّكتور المرزوقي من قبل إنّه لا يشبهنا، لكونه لا يضع ربطة العنق، فما وجه اعتراضهم على قيس سعيد، فليست للرّجل مشكلة مع ربطة العنق؟
استغرب الاعلامي النّوفمبري كيف لحقوقي أن يقول بأنّه مع احترام نصّ قرآني قطعي في مسألة الإرث (وهذا هو السّبب الحقيقي للتّحامل على الرّجل) وتساءل في مكر: “ماذا ترك لرجال الدّين”؟ ونحن بدورنا نستغرب فهمه للدّين (الإسلام) !!
من قال: إنّ الحقوقي أو الإعلامي أو الفنّان أو السّياسي يجب أن يكون معاديا للدّين؟ وهل يترشّح المواطن على شروط الدستور أم على شروطه ورهطه؟
وهل من اللازم على المترشّح للرّئاسة أن ينكر صلته بدين المجتمع الذي سينتخبه وسيكون عليه رئيسا، وسيرعى دينه ويحضر احتفالاته الدّينيّة ويهنّئ شعبه بالمناسبات الدّينيّة.
ماهي الدّوافعهم الحقيقيّة لهجمتهم الشّرسة؟
قيس سعيّد لم يكن من أركان النّظام السابق، ولا من جوقة المطبّلين والمزمّرين ولا من المناشدين ولا يعرف عنه نشاط في أيّ من هياكل التّجمّع المنحلّ. وهو من هذه النّاحية لا يشبههم (الازلام وأمثالهم). ثمّ إنّ الرّجل الحقوقي والمثقّف انحاز بالكامل للثورة وأهدافها، وهو من هذه النّاحية أيضا لا يشبههم (الثّورة المضادّة وأذرعها ومخالبها). قطعا، هم يريدون مرشّحا من المنظومة القديمة، ينجز ما لم يقدر عليه الرّئيس الحالي الذي اكتفى بتمرير قانون المصالحة سيّىء الذّكر. يريدون مرشّحا يضمن لهم تغيير الدّستور ليجمع كلّ السّلطات بين يديه، حتّى يكون في مقدوره حلّ البرلمان متى يشاء، وإقالة الحكومات متى يشاء، ويحدّد تاريخ الإنتخابات متى يشاء، ويسمّي في الوظائف العليا من يشاء دون أن يتقيّد بسلطة غير سلطته. وتكون له من الصّلاحيات ما يكفي لتقييد حرّيّة الإعلام وحرّيّة نشطاء المجتمع المدني ويكمّم أفواههم عن المطالبة بالكشف عن عقود الثّروات المنهوبة وعن حجم ما نهب منها والمطالبة بسيادة الدّولة على ثروات الشّعب وصرفها في التّنمية والتشغيل، ولم لا يكون حلّ الأحزاب بيده إن لزم الأمر، خاصّة تلك التي ترفض الإنصياع لأجندة الثّورات المضادّة في الوطن العربي؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock