والي سيدي بوزيد يكتشف غياب قارورة إطفاء
سمير ساسي
في الوقت الذي تسيل فيه دموع ذوي القلوب حبا لما يصدر عن رئيسة وزراء نيوزلندا من تصرفات تبرز فهما عميقا للواقع ولسبل مواجهة المشاكل والقضايا المعقدة نحيا هنا في تونس امام وجوه أزمة تشكل عينة دالة على درجة التحنط الفكري والجمود الذهني الذي يضرب الساسة والنخبة وكثير من أبناء الشعب.
آخر مظاهر الرداءة (والقياس هنا مع وجود الفارق حتى لا ينحرف النقاش) ما يفعله والي سيدي بوزيد الجديد (محمد صدقي بوعون) من هجوم عبثي على المدارس القرآنية غلقا لأسباب تافهة، غياب قارورة إطفاء.
فهل وضعوك لتطفئ عطش أهالي بوزيد للتنمية والرفاه أم لتبحث عن قارورة إطفاء غائبة في مدرسة قرآنية.
هل وضعوك لتنظر في اغتصاب الأطفال والتحرش الجنسي في المدارس العمومية أم لتستند على القارورة.
هل ستطفئ قارورتك هذه غضب المتربصين في هذه المدارس بحكم عقد مع مكتب التشغيل يتقاضون به منحة لا تصلح أن تكون ثمنا لقارورة إطفاء حقيقي، رميت بهم بقرارك الأحمق إلى الفراغ.
هل جاؤوا بك لينفذوا ما يتوهمون أنه الحل الأمثل لأزمات هذه البلاد كلها والتي يلخصونها في غلق المدارس القرآنية وضرب مظاهر التدين والمعارك الهووية التافهة.
كنت سابقا أعلق من باب السخرية الجادة أحيانا والعابثة أحيانا أخرى عن بعض تدوينات أصدقائي حول قضية جادة بالقول وجب غلق المدارس القرآنية ثم أضحك ويضحك أصدقائي أصحاب التدوينات ولم أكن أتصور أن يأتي اليوم مسؤول يصدق هذه النظرية التافهة التي تعتقد أن حل مشاكل التهميش التي تعاني منها سيدي بوزيد منذ قيام الدولة كامن في غلق مدرسة بسب قارورة.
إن المسؤول الناجح هو من يوفر البديل قبل أو بالتوازي مع نقض ما يراه غلطا لكنك أعمى يا صاحب القارورة وقارورتك لن تطفئ شيئا لكنها سترتد على وجهك وترمي بك إلى قاع الذكرى أيها المسؤول في حفلة تشرف على نهايتها..