20 مارس والسّيادة المؤجّلة على الملح والنّفط !

صالح التيزاوي
قرّرت تونس ممارسة سيادتها على ثرواتها مع تأجيل التّنفيذ، أي حتّى العام 2029، كلّ ما استطاعت فعله الآن، إيقاف التّجديد الآلي!!! ليس مهمّا من صاحب الفضل في قرار عدم التّجديد: الحكومة أم البرلمان أم الضّغط الشّعبى عليهما معا؟ ولكن لماذا الإقتصار على الملح وحده دون النّفط؟ وهل أنّ سرديّة “ماعندناش بترول” ستبقى سارية المفعول؟ ثمّ إنّ السّؤال الذي يشغل بال الشّعب المحروم من ثرواته والمثقل بالدّيون الخارجيّة والذي يئنّ تحت وطأة غلاء المعيشة…
السّؤال الذي يبحث له الشّعب عن إجابة وقد لا تأتي: من المسؤول عن التّفريط في ثروات البلاد: بورقيبة الذي استمرّ في رعاية عقود أبرمتها فرنسا لنفسها إبّان احتلالها المباشر لتونس وظلّ يحتفل يوم 20 مارس من كلّ عام بذكرى الإستقلال على وقع شعار “يا سيّد لسياد يا حبيبي بورقيبة الغالي…” جدير بالذّكر أنّ عقود نهب الملح تعود إلى العام 1949، بما يعني أنّ الإحتلال الفرنسي أعطى لنفسه حقّا، لا يملكه… رحل الإحتلال وترك وراءه أذيالا وصبايحيّة يعدّون أنفسهم من النّخب ومن الخبراء، يدافعون عن اتّفاقيات النّهب المجحفة والمذلّة أكثر من دفاعهم عن آبائهم وأمّهاتهم وعن وطن يأكلون من خبزه ويشربون من مائه. ولو ترك الأمر لهم لأعادوا جحافل الغزاة…
أم بن علي المنقلب على بورقيبة والذي تكتّم هو الآخر على تلك العقود، وصادر حقّ الشّعب في استرداد سلطته على ثرواته، مع جملة ما صادر من حرّيات وحقوق بما في ذلك الحقّ في النّفاذ إلى المعلومة على وقع شعار عبير وأخواتها “اللّه أحد بن علي ما كيفو حد”. وما بين الشّعار الأوّل والثّاني عاش شعبنا مأساة الفقر والتّهميش وثرواته ينهبها الإستعمار من تحت أقدامه!!! ما أشبه حالنا بما قيل: كالعيس في البيداء يقتلها الظّمأ والماء فوق ظهورها محمول!!! أم أنّ حكومات ما بعد الثّورة هي الأخرى مسؤولة عمّا جرى؟ لأنّها انشغلت بمعارك وهمية عن المعركة السياديّة الحقيقيّة: إيقاف العمل بالعقود التي فرّطت في ثروات البلاد، ولا أقول باعتها برخص الملح لأنّ الملح أيضا فرّطوا فيه بأرخص من الرّخص! وزير خارجيّة إيطاليا يتّهم فرنسا بنهب 80٪ من ثروات إفريقيا وذكر تونس من الدّول الإفريقيّة المنهوبة، فيما أصحاب الشّأن في سبات عميق أو على رأي المرحوم “شيخ إمام” وأولاد الشّوم… رايحين في النّوم”.

Exit mobile version