صالح التيزاوي
قصف على غزّة ومجزرة فى نيوزيلندا.
نام المسلمون ليلة الأمس على أخبار غارات صهيونيّة على غزّة المحاصرة، وصحوا على أخبار مجزرة مروّعة، راح ضحيّتها عشرات المسلمين وهم يؤدّون صلاة الجمعة.
قتلهم يمينيّ متطرّف بلا رحمة ولا شفقة، على أنغام موسيقى تتغنّى بإبادة البشر. بلغت درجة التّوحّش حدّا غير مسبوق حيث اختار القاتل صلاة الجمعة ليزهق أكبر عدد من الأرواح، وصوّر جريمته استخفافا واستهتارا بأرواح الضّحايا وبمشاعر أكثر من مليار مسلم…
جريمة “الجمعة الحزينة” نفّذها عنصريّ متطرّف وصنعتها ثقافة غربيّة لا تتوقّف عن وصم المسلمين بالإرهاب والتّطرّف، وروّج لها إعلام لا ينفكّ عن ربط متعمّد بين الإسلام والإرهاب، حتّى أصابت “فوبيا الإسلام” عقولا
كثيرة أصبحت ترى في المسلمين مصدرا لكلّ الشّرور، بات قتلهم وإبادتهم “واجبا مقدّسا” على نحو ما فعل سفّاح نيوزيلندا، وعلى نحو مايفعله متطرّفون بوذيّون بأقلّيّة “الرّوهينغا المسلمة”.
مجزرة الجمعة بحقّ المسلمين وهم يؤدّون الصّلاة، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، مادام الإعلام اليميني في الغرب يمارس التّعبئة والتّجييش ضدّ الإسلام والمسلمين في الإعلام وفي الثّقافة وفي الفنّ، ومالم يتوقّف حكّام العرب أنفسهم عن تقديم معلومات مزوّرة وكاذبة عن الإسلام ورموزه ومقدّساته. كيف لا يتجرّأ يميني وعنصريّ متطرّف على قتل عشرات المسلمين بطريقة وحشيّة وهم في حالة عبادة، وهو يرى ما فعله “موسيليني سوريا” بشعبه، وما فعله “هتلر مصر” في ميدان النّهضة، وفي مسجد رابعة، وفي “مسجد الرّوضة” بسيناء؟ وكيف لا يتجرّأ على مسلمين مسالمين وهو يسمع ويقرأ ما تروّج له نخب في بلاد العرب والمسلمين تنكّرت لدينها ولهويّتها وأصبحت تصف المساجد ومدارس تعليم القرآن بأنّها “محاضن لتفريخ الإرهاب”؟
لو أنّ القاتل في مجزرة الجمعة كانت تربطه صلة حتّى وإن كانت ضعيفة بالإسلام، ولو أنّ الضّحايا كانوا من غير المسلمين، لتداعى العالم كلّه للحديث عن “الإرهاب الإسلامي” ولصدرت الدّعوات إلى تشديد المراقبة على المساجد، بل ربّما غلقها، ولصدرت الأوامر من الأقوياء لأذنابهم ومأجوريهم للقيام بالإصلاحات التّربويّة والثّقافيّة اللازمة للحد من مخاطر “الإرهاب الإسلامي”.
أمّا عن مجزرة الجمعة فسيقول الأقوياء والوكلاء إنّها حادثة معزولة، ولن يسألوا عن دين القاتل وعن خلفيته الفكريّة وعن أصله وفصله ومن حرّضه ومن ساعده ولمصلحة من قتل الأبرياء؟ وبأيّ ذنب قتلهم؟ وسييكتفي حكّام العرب والمسلمين بإدانات باهتة للعمليّة ولن يشدّوا الرّحال إلى مكان الجريمة للتّعبير عن تضامنهم مع الضّحايا الذين من المفترض أنّهم مسلمون مثلهم.