حكومة لقتل الرضّع
نور الدين الغيلوفي
لا خير في بلاد تقتل مواليدها..
الفقراء وحدهم يموتون..
لا يملكون مالا به يعيشون..
يضطرّهم فقرهم إلى جدار حكومة ساقط..
جدار خَرِبٍ يُسندون ظهرَهم العاري إليه…
وحده الفقر يُكره الناس على مرافق عمومية نخرها الفساد من عهود بعيدة.. مرافق تعشّش بها خفافيش لم تتدرّب على غير مصّ الدماء…
في مستشفياتنا مجرمون جعلوا من حيوات الناس تجارة لهم.. يبيعون الناس صحّتهم بأثمان باهظة..
يأخذون منهم أموالهم ليبيعوهم مقادير من الحياة لا ترقى إلى الحياة…
بل هم يبيعون الناس موتهم..
يغتالون الرُّضَّع ولا يخجلون من جريمتهم فيطلبون على جريمتهم مقابل.. لا تعنيهم مشاعر الناس ولا تثيرهم أوجاع المكلومين.. ولا تَلفتهم أحزان الثكالى…
لو أنّ بغلة عثرت في أرض العراق لسُئل عنها عمر لِمَ لمْ تسوّ لها الطريق..
ولو أنّ قطّا دهسته سيارة في بعض النواحي لأقيمت له في ديار المترَفين مراسم عزاء خرافيّة…
وفي تونس تذهب الأمهات لوضع أبنائهنّ.. فتُسلَب أرحامهنّ ثم يُؤتَين بصناديق من الورق المقوّى بها حَمْلُ تسعة أشهر وعذابُه وأوجاعُه وسهرُ لياليه.. وانتظارات كبرى وأحلام بلا حدّ.. ثمّ تُهدى إليهنّ أوجاعُهُنّ في صناديق للموت…
ولو أنّ الحكومة تحترم نفسها وتقدّر شعبها لاستقالت برئيسها بلا أدنى تردّد…
اللعنة على سياسة توزّع الموت على فقراء لا يملكون حولًا ولا قوّة.. فقراء يُقتلون مرّتين: مرّة بالإهمال ومرّة بالاستهانة..
ماذا نصنع بحكّام يرسلون علينا فاسدين؟.. مجرمين يحتكرون حليب أطفالنا بعد أن يسرقوا حيواتهم بتلويث دوائهم؟
دولة تسحق الفقراء لا تستحقّ الحياة.