تواتر الانتفاض وتجدّده بعد انكسار… يشهد للربيع…
زهير إسماعيل
نحن بإزاء ظاهرة عميقة الجذور
كنت أشاهد نقلا مباشرا على إحدى الفضائيات لمسيرة حاشدة للمحامين في الجزائر العاصمة باتجاه المجلس الدستوري معبّٰرين عن رفضهم للعهدة الخامسة، ومطالبين المجلس باحترام الدستور ومن الشعارات المرفوعة: لا للعهدة الخامسة، الدفاع صوت الشعب، الشعب يريد الحرية.
لن نكون أدرى من الجزائرين بشعاب “غابتهم السياسية” ولا أحرص منهم على حريتهم وكرامتهم، غير أنّٰ دخول قطاع المحامين على الخط “مؤشِّر سياسي” قوي عرفته كلّٰ انتفاضات المواطنة في أقطار الربيع العربي، وكان “يوم المحاماة” في باب بنات يوم 22 ديسمبر 2010 منعرجا حاسما في الثورة.
تواتر الانتفاض وعودته القوية في السودان والجزائر بالشعارات نفسها والمطالب نفسها والأسلوب نفسه (حركة الحشود في الميادين) والمراحل نفسها يشير إلى :
1. أننا أمام ظاهرة سياسية واجتماعية عميقة الجذور في البلاد العربية، وليس مجرد انتفاضات معزولة، وردات فعل ظرفية.
2. وجود “كليات انتفاض” في المجال العربي المنتفض تشهد بوحدته اللسانيّة والثقافية، وترجّح اتجاهه إلى بناء كيانه الاقتصادي والسياسي على غرار بقية المجالات الثقافية واللسانية المجاورة والبعيدة.
3. أنّٰ “الربيع العربي” في 2011 ليس إلاّ موجة أولى من الانتفاض المواطني في المجال العربي، وأنّٰ الموجات ستتالى لاستمرار شروطها إلى أن يبلغ الانتفاض مداه ويحقق أهدافه في المواطنة الكريمة…
4. بلاغة الدروس وتنامي الخبرة بالسياقات واستخلاص الدروس وتجذّر الوعي بتعقد تضاريس السياسة وتشعب بناها العميقة والقوى الفاعلة فيها، وتجدد الانتباه إلى تأثير المحيط الإقليمي والدولي وما يقف عليه من توازنات صلبة لاستدامة المصالح.
5. التأثير القوي لما يعرفه السودان والجزائر على الجوار المغربي (لا جدوى تجربة الالتفاف على الحراك المواطني من قبل الملكية المنهكة) والموريتاني (عبث التطبيع والانخراط في مسار التصهين العربي السعودي الإماراتي) والمصري (جريمة الانقلاب الدموي) وسائر بلاد الربيع…
6. الوعي بأنّٰ الثورة المضادة عقبة ضرورية (الوعي بتعقّد السياق) ليتجذّٰر الفرز وتتجدد الحياة (الساسة والنخب والفكر وأشكال الانتظام).
ثورة الميادين حقيقة المجال العربي السياسية والاجتماعية… فلْنُعْطِ الوقت للوقت…