الجزائر ومحاولة استعادة السميغ الديمقراطي
سفيان العلوي
يدرك الجزائريون وهم يتحركون سلميا وبكامل النضج لرفض العهدة الخامسة لبوتفليقة أن خوض الانتخابات بشروطها الحالية يعني ببساطة أن يرث النظام نفسه فبالإمكان عدم التصويت للرجل ببساطة على شكل تصويت عقابي. ولكنهم يعون جيدا نتائج الانتخابات قبل خوضها.
الجزايريون ذاقوا طعم الديمقراطية قبلنا. نتذكر عندما فرض صندوق النقد الدولي على البلدان العربية في نهاية عشرية الثمانينات الضائعة وعلى إثر إرهاصات الانتفاضات الشعبية المتزامنة والمتعاقبة (جانفي 1984 في تونس وأكتوبر 1988 في الجزائر وغيرها) عندما فرض على الأنظمة إنفتاحا بأقدار وتحولا ذاتيا نحو ديمقراطية شكلانية. لقد كانت تجربة إنهاء الديمقراطية في الجزائر صادمة وأليمة. وككل التجارب الفاشلة تكون العودة إليها محفوفة بالهواجس قبل المخاطر ذاتها. وعندما بدأت الثورات العربية من تونس كان لها صدى مباشرا في الجزائر. ونذكر الإجتماع الشهير الذي جمع 3 آلاف متظاهر طوقه 30 ألف دركي في العاصمة الجزائر. لم تهدأ الاحتجاجات المناطقية لكنها لم تتحول إلى حراك عام.
لقد ساهم إرتفاع سعر البترول لفترة في سداد ديون الجزائر كلها تقريبا واستكمال مشاريع ضخمة من مثل مشروع مترو الجزائر المتوقف منذ الثمانينات والتمست الدولة رشوة إجتماعية في شكل زيادات أجور ومنح وتحييد نسبي للنخب. لكن جرت مياه كثيرة في النهر الجزائري وفي الساحة العربية وأصبحت الظاهرة الاحتجاجية الشارعية خارج خيام الأحزاب ظاهرة معولمة ووسيلة سلمية للضغط من أجل إعادة بناء العلاقة مع الدولة ولم تسلم من ذلك حتى بلدان أوروبية متقدمة مثل فرنسا وحركة السترات الصفراء لم تهدأ بعد. الحراك الجزائري الحالي حراك ذكي تراكمي وليس لنا ما نصدره للجزائريين من تجربة لكنهم يلتقطون المعاني وهم أدرى بواقعهم وبدأوا يتحدثون عن مجلس تأسيسي ودستور جديد.