شكري بن عيسى
لم ترتق الحركات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي هذه الاسابيع.. الى تجاوز ردات الفعل والتحوّل الى حركة سياسية تطرح بدائل من خلال تنظيمات محددة.. وتتجاوز بذلك المطبات التي وقعت فيها الثورات العربية بتحولها خاصة وغرقها في العنف والتناحر الداخلي المدمر.. واحياء واشعال كل الفتن الطائفية والدينية والعرقية.. والوقوع تحت مجال التدخل الدولي اما باعادة هيمنة النظام في شكل ثاني او وضع اليد والاطباق على السيادة ومصير كل الحلول والمخارج..
وفي تونس اين كان النموذج الامثل بالمقارنة مع بقية الثورات.. تم التضحية برأس النظام لضمان استمراره في شكل ثاني اكثر مصا للدماء وقد اصطبغ بشعار الديمقراطية واخترق فضاء الثورة.. في الجزائر الجار الغربي لا يمكن بحال الاعتراض على التحركات الاحتجاجية الشعبية المشروعة.. ولكن الحقيقة أن توجّه لرأس النظام الذي قد يكون في ذاته طعما لتمرير البديل الحقيقي فيه كثير من المخاطر.. وغير مقبول بعد التجارب العربية عدم التحضر لواجهة ما يمكن ان يلتف على المطالب..
كما لا يمكن حتى استنساخ التجربة التونسية التي كانت رائدة في منطلقها قبل ان يتم افراغها من شحناتها ومضامينها ومعانيها.. خاصة وان الدولة العميقة في الجزائر في علاقة بالمؤسستين الاستخبراتية والعسكرية وفي ارتباط بالاستخبارات الفرنسية وامتداداتهم في شبكات النفوذ الاقتصادي والمالي وحتى المافيوزي هي اقوى بكثير من تونس.. وتطبخ كل السيناريوات لاختطاف الحراك الشعبي العفوي والسلمي وتحويله لمالا علاقة له بالارادة الشعبية والمصلحة الوطنية والسيادة..
ولكن هل يعني هذا رفض التحركات واعتبارها عبثية ؟!
طبعا لا فالاحتجاج حق اساسي للافراد والشعوب خاصة في ظل الدكتاتورية الطاغمة والفساد الغاشم.. ولكن لا شك ان عدم التنظم الدقيق ووضع قيادة وطنية مشتركة بين الاحزاب والناشطين الميداننين والنخب الفكرية المناضلة ببرنامح حد ادنى متفق عليه.. وباليات محددة واجندا زمنية مضبوطة الاجال والاهداف.. دون ذلك لا يمكن ضمان الحد الادنى لتحقيق المطالب والاهداف المشروعة.. التي قد تنقلب في ظل الوضع الوطني والاقليمي والدولي الى ما هو ابشع..
فبعد تلقائية وعدم تاطيرية الثورة التونسية يصعب اليوم القبول بحراك اجتماعي-سياسي ثوري دون افق واضح وطليعة تقود وتوجه.. فلا نجاح دون تنظيم (مرن يراعي عفوية وتلقائية التحرك) ويطور الوعي ويحصنه من التجويف والتزييف.. وهي الافات التي عصفت بالثورة التونسية ومن السذاجة بل الغباء عدم استخلاص الدروس منها..
#حمىاللهالجزائرالحبيبةمنكلسوء
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.