من مذكرات خوسيه سنة 2050 للميلاد
علي بن مكشر
إسمي الكامل خوسيه ماريو لوكا، إسباني المولد والجنسية، كنت أدرس بجامعة مدريد، قبيل اندلاع أحداث الشرق بداية العشرية الثانية من القرن الأول من الألفية الثالثة للميلاد. وقد كنت حصلت على منحة جامعية من إدارة البحوث بقسم الحضارة، من أجل استكمال أبحاثي على أرض الواقع، حول الأساطير المؤسسة لحضارة الشرق -العربي خاصة- ومدى بقاء تلك الأساطير على قيد الحياة في ظل العولمة.
يخلد الغربي عادة لفكرة نهاية التاريخ ويشعر بأناقة عالية وهو ينظر إلى الحضارات الآفلة، لكنه يشعر في أعماقه، أن قمقما ماردا يتربص به في أية لحظة، كما أن غموضا لذيذا يشده للشرق، يسكن أعماقه فلا يستطيع منه خلاصا أبدا.. ليس الأمر مرتبط بعلاء الدين ومصباحه السحري ولا بألف ليلة وليلة فحسب، ولكن خيالا عظيما يداهمه، عندما يرى بأن العالم بأجمعه قد ذاب في الغرب أو يكاد، إلا هذا الشرق اللعين يفاجئنا بين الحينة والأخرى بتحديات لا نفهمها وبروح جرداء كالسعفة، لا تهاب الموت، ولا ترى فينا إلا شيطانا جثم على صدر العالم.
عندما حزمت أمتعتي، وكانت في أغلبها كتب أستعين بها لفهم المجتمعات التي أقصدها، والتي تبين لي تهافتها فيما بعد فرميتها كخرق بالية.. كباحث في العلم، كان علي أن اتقشف إلى أبعد حد، فلست سائحا مرفها على أية حال. بدأت رحلتي من نقطة التماس بين المغرب الأقصى وإسبانيا، ووصلت مدينة الرباط، ثم استأجرت غرفة صغيرة بأحد الفنادق المتواضعة بمدينة سلا القريبة… وفي تلك الأيام تحدثت وسائل الإعلام عن شاب تونسي أحرق نفسه، فاندلعت شرارة ثورة في كامل الشرق، فما اشتعلت بمكان وأطفئت إلا شبت بمكان آخر، كأن الذي ينفخ فيها مارد من الجن لا يرى ولا يلمس.. كان الشتاء المغربي اللطيف يغمر مرتفعات سلا، قبيل أعياد الميلاد بقليل سنة عشر، عندما بدأ التاريخ دورته الجديدة.
خوسيه 7 يوليو 2050.
يتبع
• خوسيه شخصية خيالية.