أنور الغربي
رسالة مفتوحة الى السيد وزير الخارجية التونسي على هامش زيارته الى برن سويسرا
سيدي الوزير
لقد تابعت مجريات الندوة الصحفية على إثر اللقاء الذي جمعكم بالسيد إينياتسيو كاسيس وزير خارجية سويسرا وآلمني موقفكم المتردد وغير الواضح بالمرة. فالسلطات السويسرية تبحث عن شركاء وليس موظفين وكان تعاملها مع بلادنا جد محترم بعد الثورة وكان يجب تثمين منجزات الثورة وتسويقها بشكل يليق بها وبشبابها.
وإنني لم أفهم ما الذي يعنيه السيد كاسيس عندما قال “إنه من المتوقع أن تكون هناك نتيجة إيجابية بحلول عام 2021” فيما يتعلق بعودة الأموال المرتبطة بزين العابدين بن علي والمقربين منه التي تم تجميدها منذ عام 2011 في المصارف السويسرية.
ولا أدري كيف ستتعامل مع الكلام المباشر لوزير الخارجية السويسري الذي أعلن صراحة بأنه “بالنسبة للمبالغ الكبيرة التي يتعيّن على برن إعادتها، فإنه “يجب أن تتقدم الإجراءات القانونية في تونس وأن تُسفر عن صدور أحكام تثبت المصدر غير المشروع للأصول المُجمّدة في سويسرا”، بما يعني المطالبة العلنية الرسمية والمباشرة بالمزيد من الجدية في التعامل مع الملف.
ثم كيف تقبل بمجرد “إعلان نوايا” والحال أن الاعلان تم منذ 7 سنوات وبنيت عليه اتفاقات كان قد صادق عليها المجلس التأسيسي سنة 2014؟
ثم هل تعلم بأن الميزانية التي خصصتها سويسرا لمشاريع التعاون الدولي تبلغ 3 مليار دولار في مخطط 2017-2020، وبالتالي فإنه من غير الجدي حديث الوزير السويسري عن تخصيص برن حوالي 20 مليون دولار فقط لا غير لفائدة تونس والحال أن هذا المبلغ جد زهيد في العلاقات الدولية ولا يقارن بما كانت تقدمه سويسرا خلال الفترة 2012-2014. ثم أليس الجزء الأكبر من هذا المبلغ يأتي في اطار الاتفاقات الممضية لإعادة إدماج العائدين؟. ألم تتساءل الوزارة لماذا تدنى الاهتمام السويسري لهذا المستوى والحال أنها كانت من البلدان الأولى التي وقفت مع شعبنا وبلادنا ؟ ثم ما المقصود بدعم سويسرا لـ “برنامج دعم الثقافة في شمال إفريقيا”؟
وهناك سؤال آخر حيرني كما حير من تابع الندوة -الحوار مع طلبة معهد الحضارة الاسلامية والفلسفة الحديثة في برن.
فهل يعقل أن تلقي مديرة المعهد الألمانية الأصل كلمتها باللغة العربية الفصحى وتكون كلمتك بالفرنسية؟ من يفهم الفرنسية هناك؟ ألم يتم إعلامك بأن الشرط الأساسي لقبول الطلاب هناك هو تعلم اللغات الأساسية أي اللغة العربية والفارسية والتركية كما أنك تتحدث إلى طلاب لغتهم الأم هي الألمانية؟
ثم ما علاقة طلاب في المجال البحثي الأكاديمي بصراع الهوية والمرأة في تونس؟ هم يبحثون عن الحوار وعن معرفة الآخر وعن الانفتاح وعن الأدب والثقافة والعلوم.
آسف سيدي الوزير، دورك هو تنفيذ سياسات الدولة والدفاع عن مصالحها العليا وليس مشاريع وطموحات ومبادرات السيد الرئيس الذي تنتهي عهدته بعد أشهر معدودة.
وأملي أن يجري التحضير لمثل هذه المناسبات بطرق مختلفة خاصة وأن شعبنا أنجز ثورة تدرّس للعالم والأجيال.
مح التحية والاحترام
تنويه: يرجى من كل المسؤولين الأخذ في الاعتبار بأن السياسة السويسرية لديها خصوصيتها ويجب فهم ذلك وأخذه في الاعتبار كما أن السفير الحالي يبذل جهودا محترمة ومقدّرة.