شكري بن عيسى
الحقيقة أن الإشكالية الكبرى ومناط النقاش ليس في مضمون تدوينة كتبت أو تم مشاركتها (عبر البارتاج) وهل فيها إساءة للغير أم لا فهذا بقدر ما هو هام ليس في مستوى وفي مقابل خمس إعتبارات ومبادىء جوهرية على الأقل صارت اليوم تثير مخاوف جدية وعميقة حول واقع الحقوق والحريات ولكن أساسا حول اعتبار علوية الدستور وسيادة القانون وخاصة إستقلال السلطة القضائية، ما يؤكد مضامين التقارير الحقوقية بعودة رأس الدكتاتورية والرجوع لحالة الرأي الواحد المرعبة،
أولا، أن يأتي الإيقاف على خلفية صراع الموقوف ضد جهات نافذة في البلاد إعلاميا وسياسيا وماليا وحتى دوليا بما يثيره ذلك من شبهات تصفية حسابات سياسية قوية ضد المعنى،
ثانيا، أن يتم الإيقاف في الوقت الذي نسجل فيه حصانة إستثنائية للنافذين الذين تصدر فيهم كل البطاقات ولا تنفّذ وعلى رأسهم عمار وكمال لطيف، والإفلات من العقاب هو أرقى درجات إذلال الدولة وتنكيس قوانينها ومؤسساتها ودستورها،
ثالثا، أن يتم التتبع بطريقة فيها إستعراض ولا تستجيب للإجراءات القانونية فهذا يضرب شروط المحاكمة العادلة في دولة تدعي إحترام حقوق الإنسان وتلتزم بالعدالة،
رابعا، وضع شخص في السجن أو الإيقاف ومقره معلوم ووظيفته معلومة وهو غير هارب من العدالة ولم يسبق أن عاداها في هكذا ملابسات فيها شبهات تنكيل فهذا إعتداء مزدوج على أرقى حق للإنسان متعلق بحريته وأيضا بكرامته،
خامسا، أن يتم في النهاية الزج بالقضاء في قضايا سياسية مرتبطة بجهات النفوذ الداخلي والأجنبي فهذا أكبر إختراق لكل الإعتبارات والقيم بما فيها الدستورية والقانونية والأخلاقية وهو العنصر الأخطر في الوقت الذي ارتقى فيه الدستور بالقضاء كسلطة قائمة الذات وليس ذلك فحسب بل وضع لأول مرة على عاتقه إستحقاق حماية الحقوق والحريات.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.