صالح التيزاوي
قادة الغرب الدّيمقراطي جدّا والمباهي بأنّه قلعة الحقوق والحرّيات في العالم، شدّوا الرّحال إلى “شرم الشّيخ” في إطار القمّة الأروبّيّة العربيّة. نزلوا ضيوفا على السّيسي، أيّاما قليلة بعد موافقة برلمان صوري على تعديل دستوري يسمح له بأن يحكم إلى الأبد، وسويعات قليلة بعد وليمة الدّم، حيث أقدم النّظام الإنقلابي على تنفيذ إعدام جماعي لمجموعة من الشّباب من رافضي الإنقلابي، بعضهم مازالت سلطة الإنقلاب تحتفظ بجثّته وترفض الإفراج عنها. هل تنكّر الغرب للقيم التي يعتبرها جوهر حداثته؟ أم تراه تصالح مع ماضيه الإستعماري والعنصري؟
مهما كانت مبرّراتهم للإلتقاء بالسّيسي والجلوس إليه والإستماع إلى هذيانه، فإنّ من كانت في عقله ذرّة من الإيمان بالحقوق والحرّيات، لا يجد مبرّرا واحدا لشدّ الرّحال إلى من قاد انقلابا دمويّا على رئيس شرعي، ومارس كلّ أنواع التّنكيل والقتل بحقّ معارضيه وعسكر الحياة السّياسيّة، وهو في طريق مفتوح لتأبيد نفسه في الحكم.
أليست تلك الممارسات تتناقض بالكامل مع جوهر الحداثة الغربيّة التي يباهي بها الغرب؟ أليست فضيحة من العيار الثّقيل ووصمة عار أن يشدّ قادة الغرب المباهين باستقلال القضاء الرّحال إلى نظام يستعمل القضاء لتصفية خصومه بل وقتلهم، ويعيّن قاضيا لا يحسن حتّى القراءة الكتابة؟
قادة الغربي الدّيمقراطي اكتفوا بنقد خفيف للنّظام الإنقلابي في مجال الحقوق والحرّيات، واكتفوا بشيء من السّخرية من مضيّفهم بسب جوقة إعلامه التي لا تملك إلّا أن تصفّق لقائد الإنقلاب حتّى وإن شتمهم وشتمت ملّتهم ومن خلّفهم. غير أن نقدهم، لا يغيّر من واقع البطش شيئا ولايضع حدّا للمذابح. قد يرفع عنهم شيئا من العتب أمام شعوبهم وأمام الهيئات والمنظّمات الحقوقيّة، وحتّى لا يتّهموا بالنّفاق!!!
ليس السّيسي مجرّد مستبدّ حتّى يطالبه قادة الغرب بإدخال قدر من الإصلاحات على نظام حكمه، تسمح للمصريين بممارسة قليل من الحرّيّة وقليل من الحقوق وقليل من الكرامة. ولم تعد تحرجه سخريّة من جاؤوا لدعمه ورسكلته، عندما صفّقت جوقة إعلامه الهابط بحرارة على كلمته أمام “من يعتبرون أنفسهم مرجع الإعلام الحرّ والمستقلّ”، حيث اكتفى أحدهم بالتّعليق ساخرا “مثل هذا التّصفيق لا يحدث في بلداننا”… “بلحة” لم يستوعب الموقف ولم يستوعب السّخرية، فقرّر هو الآخر أن يصفّق لمن سخر منه ومضى مزهوّا بخطابه لمصافحة ضيفه.
من كان على هذه الشّاكلة لا يحتاج إلى مجرّد نقد لإصلاح سجّله في مجال الحقوق والحرّيات. الأمر يحتاج إلى انتزاع السّكّين من يد سيكوباتي مهوس بالسّلطة.