تساؤلان لرئاسة الجمهورية
أنور الغربي
حضرت اللقاء الذي انعقد بأحد النزل في جينيف وأشرف عليه رئيس الجمهورية السيد الباجي قائد السبسي. وبقطع النظر عن الكلمة التي غلب عليها الطابع الانتخابي والتي لا ترتقي إلى مستوى انتظارات الحاضرين من رئيس دولة يمثل كل التونسيين، فإن المبادرة في حد ذاتها للقاء عشرات التونسيين المقيمين في سويسرا أمر محمود ويجب شكر رئيس الدولة والقائمين على الموضوع على ذلك. ومن جهتي ذهبت بنية طرح سؤالين مرتبطين بصلوحيات رئيس الجمهورية ولهما علاقة مباشرة بسويسرا وجينيف. ولكن مع الاسف، لم يتم فتح المجال للأسئلة وبما أني كنت راسلت رئاسة الجمهورية سابقا وتعذر علي الحديث المباشر لرئيس الدولة فاني قررت نشر التساؤلين للعموم وذلك في غياب تفاعل الرئاسة سابقا رغم خطورة وحساسية الملفين وتأثيرهما المباشر على بلادنا.
أما التساؤل الأول فهو حول الأموال المنهوبة واجراءات ارجاعها ودور الديبلوماسية التي يشرف عليها رئيس الدولة في ذلك . للتذكير يوجد بطء غير مفهوم وتعاط غير جدي مع هذا الملف لدرجة أن السلطات السويسرية اشارت مرارا إلى نقص تجاوب السلطات التونسية . نحن نتحدث عن مبلغ 200 مليار مليم اعترفت به السلطات السويسرية وهي أموال مجمدة فضلا عن اضعاف هذا المبالغ يتم الحديث عنها. ويكفي الرجوع إلى تقرير البنك الدولي ومؤخرا اعلان إحدى بنات زين العابدين بن علي عن رغبتها في ايجاد تسوية والتعاون مع القضاء السويسري لنفهم مدى أهمية الموضوع. و بالرغم أن الحكومة السويسرية جددت في شهر ديسمبر الفارط وللمرة الثالثة على التوالي منح مهلة اضافية بسنة لتمكين السلطات القضائية التونسية من توفير ما يلزم لتحويل الأموال للخزينة التونسية فانه وفي ظل التعاطي الحالي أصبح من غير المستبعد بالمرة أن يتم اغلاق هذا الملف بداية السنة القادمة وخاصة بعد مطالبة الحكومة التونسية رفع التجميد عن أموال مروان المبروك في دول الاتحاد الاوروبي وهذا يعتبر ضربة قاصمة للملف برمته مما يستوجب محاسبة من أمر بذلك وأيضا محاسبة المفرطين والمتسترين والغير متعاونين ومعاقبتهم لأن هذه الأموال ملك للشعب ومن المعيب التفريط فيها بهذه الطريقة المهينة للبلاد والشعب.
والتساؤل الثاني يخص بعض الملفات التي قدمت باسم الدولة التونسية وبدعم من الرئاسة لشغل مناصب لدى الوكالات والمنظمات الأممية المختلفة. بعض هذه الملفات شابها الكثير من التضخيم وصلت إلى حد تزوير سير ذاتية وشهادات علمية اضافة إلى تزكيات من بلدان لها أجندات مناوئة لحرية الشعوب في المنطقة وللديمقراطية التونسية تحديدا بحسب ما وصلنا من تشكيات وتساؤلات. وطبعا في البداية حاولنا كل من جهته لملمة الموضوع حتى لا تتضرر سمعة البلاد ولا تتأثر سلبا بقية الملفات “للكفاءات التونسية المرموقة والمحترمة” الا أن الموضوع أصبح جد متداول لدرجة يستحيل معه السكوت وعلى رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية وأيضا لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان فتح تحقيق في الموضوع.
وتبقى سمعة البلاد والدفاع على الثروات والأموال المنهوبة على سلم أولويات كل حر وشريف في هذه البلاد التي يسعى البعض إلى تحويلها لمجرد ضيعة أو مزرعة خاصة يتصرف فيها وفي كيفية استغلالها بحسب ما يراه هو ومن حوله.