سامي براهم
ادفع …
لا أدري لماذا يستسلم عدد من قواعد الإسلاميين لانفعالاتهم وغرائزهم في الموقف من خصومهم بينما تسعى قياداتهم منذ سنوات لترسيخ التوافق كمنظومة حكم وثقافة سياسيّة، أنصفتهم الأقدار بأفضل ممّا كانوا يطمحون إليه، جعلتهم في مواقع متقدّمة بفضل ثقة فئات واسعة من الشّعب فيهم رغم كلّ الأخطاء وإكراهات الحكم، كان أحرى أن يكون هذا دافعا لهم للتخلّق بخلق الترفّع عن الاستثمار في العداوات وعدم المعاملة بالمثل مهما كان حجم ما يتعرّضون له من قصف وتشويه وبذيء قول…
أخطّ هذا التّعليق بمناسبة حجم ما صادفني على صفحة الاستقبال من طعن في أحد رؤساء الأحزاب اليساريّة بسبب وجود اسمه في إحدى قوائم المشمولين بجبر الضّرر، وهي قائمة تضمّ جيل مجموعة آفاق والعامل التّونسي الذين دشّنوا حركة النّضال ضدّ الاستبداد والحكم الفردي بعد تصفية الحركة اليوسفيّة…
كان يفترض أن يكون تنوّع المشمولين بجبر الضّرر عامل نجاح لمسار العدالة الانتقاليّة مهما كانت مواقف التشنّج والتّوظيف المصاحبة لهذا المسار… كان يفترض أن يبقى ضحايا الاستبداد في درجة رفيعة من سموّ النّفس وأن لا ينزلوا لردود الأفعال بمناسبة كلّ استفزاز واستدراج…
صحيح أنّهم تلّقوا الكثير من الإهانات ولاقوا الكثير العنت والاستهداف لوجودهم الرّمزي والمعنوي وحتّى المادّي ولا أدعوهم ليكونوا مسيحانيين فيديروا خدّهم الأيسر لمن صفع خدّهم الأيمن ولكن أدعوهم وفاءً لقيمهم وحبّا لوطنهم أن يخفضوا الجناح لخصومهم وأن يدفعوا بالتي هي أحسن سيرا على نهج القرآن الكريم:
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصّلت