تدوينات تونسية

حالة إعدام …

علي المسعودي
نظرت للكلافيي بِنَهم، وفكرت أن أكتب نصًّا قصيرا عن الترفيع في نسبة الفائدة، ثم صرفت نظري عن ذلك وقلت لنفسي: هل يجوز لك الصمت أمام الصراعات المتفجرة داخل قطاع التعليم الثانوي عشية الانتخابات، وبعد “انتصار” نضالي لم تنته احتفالاته بعد، أو تنطفئ شموع فرحه على صفحات المربين ؟؟
لا.. لن أكون هادم المسرّات، ومفسدا للاحتفالات.. لعله من الأجدى أن أصرف اهتمامي إلى العتبة، وما أدراك ما العتبة.. وكيف تكون سبيلا لولوج الاستبداد بيتنا الديموقراطي دونما عقبة..
ولكن الحديث في شأن كهذا له أهله من “الممثّلين” في مجلس الشعب، وهم أدرى بشعابه وقد فَوَّضْنا لهم أمرنا منذ أربع سنين.. ولا يهم إن أخذوا أدوار البطولة أو كانوا كومبارسا للسفارات وأصحاب العظمة والفخامة من المندوبين السامين..
هل أتحدّث عن فنزويلا الجائعة، والتي ذاب شحم مواطنيها بين حصار ترامب وتخاذل بوتين ؟.. هل أكتب عن الإشتراكية المستحيلة في بيئة بات فيها صاحب رأس المال فيلسوف الشعب وزعيما لحزب الاجتماعيين ؟ هل أكتب عن مادورو وثروة ابنته، وخيانته الطبقية للبوليفاريين ؟ أم أكتب عن بؤس اليسار الذي يمجد الجوع في كل بلد يرفع مطرقة ومنجلا ولا حصاد أو حاصدين ؟
لن أفعل كل ذلك، بل سأتحدث عن انعدام الأمل في هذا الفضاء المسمى وطنا عربيا وما هو بالوطن لغير الضباع والكانيباليين.. سأتحدث عن حالة إعدام في عالم ميّت أصلا، ولا تفعل المشانق فيه غير خنق الميتين.. سأتحدث عن مرض السرطان السياسي الذي يفتك بدولنا حتى ما عادت سوى ورم هلامي عظيم، سأتحدث عن أمريكا التي أقامت الدنيا على فتى اسطمبول، وعلى صبيّها في برلمان كاراكاس ثم تتحدث همسا مع غلمانها في مصر ودويلات الخليج، عن ضرورة كتم أصوات ضحاياهم كلما اغتصبوا روحا، أو قطعوا جسدا بمنشار وسكين، سأتحدث عن بلد إعلان حقوق الانسان، وعن ماكرون وزواجه بابن سلمان والسيسي زواج المثليين.. سأتحدث عن الديموقراطية التي يحاك نسجها في العالم الحر لدول مثل إيران وفنزويلا، ويُحاك العقال هناك لعرباننا من الخليجيين..
سأتحدث …
ولكن هل للحديث فائدة ؟ قطعا، لم تعد له فائدة.. يكفينا أن ننتظر وجبات الإعدام القادمة من مصر مع كل فجر جديد.. ويكفي أن تنتفخ أوداجنا الإيديولوجية طربا بعد شرب القهوة ثم نقول: تبا للارهابيين !!!
•••
شكرا محمد البرادعي، شكرا حمدين… لقد نفختم في المومياء، وعاد فرعون وجلاوزته إلى الحياة، ولكن لا نبيَّ في أرض الكنانة يملك عصا فالقة، ولا مهرب للمصريين..

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock