المصريون التسعة..

محمد ضيف الله
حتى في التقتيل هناك حال ألطف من حال. ربما ما فعله الانقلاب المصري اليوم أخف بكثير مما فعله سابقا في ميدان رابعة وميدان النهضة، فهؤلاء التسعة من حيث العدد أقل ممن قتلوا تقتيلا، بالمئات والآلاف في ميدان رابعة وميدان النهضة وفي شوارع القاهرة والإسكندرية وفي غيرها،
وهؤلاء التسعة صدرت عليهم أحكام من “القضاء الشامخ”، فهي من حيث الشكل صادرة عن السلطة القضائية، بما يجعلها تختلف عن عمليات التقتيل والحرق في ميدان رابعة وميدان النهضة وفي الشوارع وأمام جامعة القاهرة، والتسعة سلمت جثثهم إلى أهاليهم، لدفنهم وزيارة قبورهم والترحم عليهم كلما شاؤوا، خلافا لجثث الذين تفحموا في الميادين والشوارع والذين دفنوا في آخر الأمر في مقابر جماعية.
إلا أن الثابت هو أن الذين صفقوا للانقلاب يومها ولم يحرك التقتيل فيهم شعرة، أو ربما ابتهجوا بتقتيل المختلفين عنهم، والصمت يساوي التأييد الكامل للقاتل، هؤلاء نتذكرهم اليوم، ونتذكر ما فيهم من فراغ إنساني، والحضيض الذي هم فيه. نتذكر منهم من تمنى وزاد بأن دعا إلى قيام انقلاب في تونس مثل الانقلاب المصري، نتذكر من شرب يومها الأنخاب. هؤلاء، وفيهم من كان يدعي أنه حقوقي وضد حكم الإعدام أو أنه ديمقراطي أو أنه يدعو للحرية، هؤلاء تعروا تماما، الفرصة تلو الفرصة ليتعذروا فلم يفعلوا.

Exit mobile version