سليم حكيمي
الشهيد محمود للقاضي المصري: أنا خصيمك يوم القيامة. أنا ولِّي معايا مظلومين وأنت عارف كويس.
القاضي: بس أنت إعترفت.
محمود: ادّيني صاعق كهرباء ودخّلني أنا وأنت في الغرفة وأنا أخلّيك تعترف إنك قتلت السادات، احنا اتكهربنا كهربا تكفي مصر عشرين سنة ليستكمل السيسي.
• بعد مجزرة رابعة “كربلاء السنة” 3000 قتيل، ومذبحة الساجدين بـ 69، الإعدام لـ 42 إعداما منذ انقلاب العسكر على أول رئيس مدني منتخب.
28 أوت 1966، أعدم جمال عبد الناصر سيد قطب فكتب صلاح الخالدي، في كتابه “سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد”: أرسل الملك فيصل بن عبد العزيز برقية إلى عبد الناصر؛ يرجوه فيها وقف الإعدام، وأوصل سامي شرف البرقيةَ لعبد الناصر في ذلك المساء، فقال له: “اعدموه في الفجر، بُكرة، واعرض عليّ البرقية بعد الإعدام”، ثم أرسل برقيةً للملك فيصل يعتذرُ بأنها وصلته بعد التنفيذ.” وإزاء ما يجري يمكن الوقوف على الاتي باختزال:
أثبت التاريخ أن “عرقه دسّاس” ومصر توارث طغاتها تفقير الناس، ودفنهم بجانبهم أيضا ليواصلوا خدمتهم لهم بعد الموت، وهو تقليد فرعوني أسسته رؤية ميتافزيقية لكهَنته. قال عنها عمرو بن العاص “هي لمن غَلب”. رفع “بشّار” سقف القتل في العالم 500 ألف قتيل و20 مليون مشرد زمن تهجير الشعوب من أوطانها، وهو ما يهوّن من مقتل إعدام الشبان التسعة، من بينهم ضرير، لأنه طلب إسرائيلي بالأساس، والسيسي ليس إلا مقصلة و”كلب صيد” لحساب الغير على حد عبارة فيصل القاسم، لا يرتقي الى مصاف الديكتاتور، ولكنه يستغل حالة غربية عامة لم تعد تعير مكانة للإنسانية في رؤيتها السياسية، وحالة إسلامية يتسم فيها الموقف بالضعف بسبب تراجع موجة الربيع العربي. وكما كان القضاء على الإخوان هدفا سنة 1954 بتجريدهم من قوتهم العسكرية التي كانوا قد أنشأوها في مقاومة الاحتلال الأجنبي الإنجليزي واليهودي في حرب 48، كان كذلك بعد 3 جويلية 2013. ولم تنس إسرائيل الهجوم الجماعي على سفارتها في ثورة 25 يوليو 2011، ولا أن القرآن نص مؤسس لأجيال المقاومة الإسلامية بوعد القدس، ووعد الرئيس مرسي “لن نترك غزة لوحدها”. ليكتب إسحاق ليفانون يوم 20 فيفري 2019 مقالا في “إسرائيل اليوم” بعنوان: “مصر وإسرائيل العودة الى الوضع شبه الطبيعي”.
“التطبيع مع إسرائيل هو إضفاء شرعية على كيان غير مشروع” بلغة طه عبد الرحمان. لا فرق فيه بين حاكم مطبع ونخبة تصمت على تطبيعه مقابل تخليصها من خصومها الأيديولوجي. فنخب النفاق لا تعنيها لا الديمقراطية ولا المفاهيم الأساسية للاجتماع الإنساني ولا قضية فلسطين والتآمر عليها، وهي تعرف أن السيسي افتتح عهده بمقاومة المقاومة في الأنفاق، وتهيئة سيناء والتجهز لصفقة القرن مع الصهاينة. تدعي زورا رفض التطبيع مع الصهاينة وهي تقف الى جوار اكبر مُطبع علني.
• غربان العلمانية الليبرالية التي نعَبت من اجل إلغاء عقوبة الإعدام تصمت حين يتعلق الأمر بإعدام الإسلاميين وتسقط كل أوراق التوت عن نخبة صفيقة اتهمت غيرها دهرا بازدواجية الخطاب، وهي لم تُتقن إلا إياه بطبع النّفاق فيها. وقفوا مع الإعدام لـ 12 تونسي بمجرد الشبهة في الانقلاب على بورقيبة لجماعة الشرايطي سنة 1962، وتباكوا على حقوق الإنسان في تركيا بعد محاولة انقلابية فعلية خلفت مقتل 270 برصاص بدعم خليجي إماراتي صرف فيها 1 ترليون دولار وانتهت بالفشل ولكنها زادت من قوة النظام بدل إضعافه.
• في زمن السيولة، السعودية التي كانت تتوسط لمنع الإعدام صارت تموّل من يقوم به، والبلد الذي كان هدّد بمنع نفط عن أوروبا سنة 1973 بعد حرب أكتوبر يضخ النفط إرضاء للغرب والأمريكان قربانا للتخلّص من فضيحة مقتل “خاشقجي .
لم يعدم عبد الناصر “زعيم القومية العربية ضد الصهيونية”، أي جاسوس إسرائيلي رغم القبض عليهم ومحاكمتهم سنة 1960 بينما اعدم مفسر القرآن وسنّ سُنة إعدام المعارضين في مصر التي أورثت عداء توارثته الأنظمة ضدهم، بينما لم يتجاوز عدد مساجين الطلبة الذي تظاهروا ضده في عهد الملك فاروق بضع عشرات لبضعة أيام قال بشأنهم: “العيال دُولِ صاعوا لازم نؤدبهم شوي وبعدينْ نِسِبْهم”.
وحين استوقف التاريخ يحضرني مشهد وقفت فيه أسماء بنت أبي بكر على باب الحجاج قاتل ابنها عبد الله بن الزبير:
– اهلا بخير النساء، الا تُسلّمي اولا ؟.
– لا سلام الله على عدو الله.
– يا امّ كليب انت ام مفجوعة وانِّها الحرب، ولا نملك من امرها شيئا.
– نعم انها الحرب وساقول لك ما كان منها: قد حرمت ابني الدنيا فحرمك الآخرة، انه في الجنة وانت في النار.
– انه امر الله يقضي بما يشاء.
– لم قَطعت راسه اذا ؟
– اما هذا فامر خليفة المسلمين، وانا مُؤتمر بامره، وهو اراد راسه بين يديه.
– كذبت في هذا، قاتلك الله! فَلِمَ صَلبتَهُ؟
– “استبقت أنا وهو إلى هذه الخشبة وكانت له”.
فردّت : “أهنتُ نفسي بالحديث اليكَ”، وانصرفت. فهدا ابن عمر من روعها بقوله إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاصبري.
فردت : وما يمنعني، وقد أُهدي رأس يحى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل”.
لم يعبأ سيد قطب بمن اراد ان يلقنه الشهادة يوم اعدامه فقال له “نحن نستشهد من اجلها اما انتم فتأكلون بها خبزا”، ومصر السيسي الذي يتأهب لتعديل دستور يضمن حكمه الى غاية سنة 2034 لمدة ولاية تصل 6 سنوات بدل 4، وقف فيها سعد الدين الهلالي قائلا: “ان سُنة الله تتكرر، فكما ارسل من قبل موسى وهارون، قيّض للمصريين، فابتعث ايضا رجلين، وهما السيسي ومحمد ابراهيم وما كان احد يتخيل انهما من رسل الله”. لتجد نفسك امام خطبة ابليس في اهل النّار تهين نفسك حين تتحدث اليهم لسببين: اولهما لا نقاش مع الرُّسل، وثانيا لانك تتحدث مع حثالة “une lie”، ترى فرعون نبيّا. “الاخوان ليسوا جذاما حتى نتبرأ منه” كما قال بن كيران…