أحمد الغيلوفي
وقفتُ اليوم أمام قوس باب البحر في مدخل الأسواق. لاحظت لوحة زجاجية مكتوب عليها: “باب البحر” وتحتها “Porte de France”. أما كيف تُترجم البحر بـ “France” فذلك مربط كل البغال الذين حكمونا حتى الآن.
سيميولوجيا الأمر يعني ما يلي: تخرج من المدينة العربية الإسلامية فلا تجد غير فرنسا. فرنسا أقرب لنا من حبل الوريد. هي لا تقع وراء البحر وإنما هي فينا. تمثال ابن خلدون كان فيما يسمى الآن حديقة باستور، عندما وقعت نُقلته إلى شارع “جول فيري” -مكانه الآن- أراد التونسيون أن يجعلوه ملتفتا إلى جامع الزيتونة والجامع الذي درس فيه هو قريب من تُربة الباي. رفض الفرنسييون لأن ذلك يعني أن وُجهة تونس نحو الشرق أي أن هويتها عربية إسلامية. وقع توجيهه نحو البحر: من حيث أتت الاساطيل الأوروبية بالحداثة والعلم والأنوار. أعطى ظهره لجامع الزيتونة الذي يرمز للتخلف والجهل والصحراء وعوالم الشرق المظلمة. إنها سردية الإستعمار التي تبناها بورقيبة وأشربها لأتباعه: لا مستقبل لتونس إلا مرتبطة بفرنسا.