نور الدين الغيلوفي
أكثر من شخص بعثوا إليّ على الخاصّ بفيديو مرفوق بالفقرة التالية
((البروفيسور الإسرائيليّ موشيه شارون يلقي محاضرة في جامعة بن غوريون في إسرائيل وقد فاجأ الجميع بقوله إنّ الإسلام هو الدين الصحيح…))
قلّما أفتح الفيديوهات التي تردني على الخاصّ لأنّها لا تَلفتني.. ولا أراها تعنيني.. وقد استغربت أن يروّج لما جاء في تلك الفقرة أناس يُفتَرض أنّ بهم بعضَ القدرة على الفهم..
قلت: لم اطّلع على ما جاء بالفيديو لأنّ ما ورد بالفقرة المصاحبة يصرفني عنه أنا الذي تربّى على عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني دولةً لها اسم وتُنسب إليها مؤسّسات وينتمي إليها أشخاص نحتكم إليهم.. كلّ ذلك ممّا يضيق به صدري ولا يتّسع له صبري.
جملة واحدة اشتملت على مفردات.. سأفصل بينها حتّى نرى منها ما احتجب خلف التركيب:
1. البروفيسور الإسرائيليّ: منذ متى صار “البروفيسور الإسرائيليّ” مرجعا لنا نعتمده؟ هذه هي الكبوة الأولى.. لقد نجحت دولة الاحتلال في أن تنتج لنا مراجع نشيد بها.. ونعتمدها…
صفة “بروفيسّور” عادة ما تُلقى على مرجع علميّ يُحتَكَم إليه في اكتساب المعرفة وورود العلم.. وأن يكون “الإسرائيليّ” سندا لبعضنا ومرجعا يروّجون له فذلك أكبر دليل على أنّنا أمّة ساذجة سهل اختراقها.. أمّة عشّش الجهل في رؤوس أبنائها وبناتها.. بمجرّد كلمة تُرْضِي هَوَانَا نسلم عقولنا لمن يطلبون تخريبها بتنويمها.. ننسى مواقفنا ونُهرع باتّجاه العدوّ نلوذ به في تلقّي المعارف.. ومديح الذات.. النائمة..
2. موشيه شارون: اسم صهيونيّ بامتياز.. لماذا لم يكن الاسم غير ذلك؟ من تلك الأسماء التي لا تحمل هوياتها بوضوح صارخ؟ أن يكون “موشيه شارون” مرجعا لك وملاذا لمعرفتك وشهادة لدينك فاتّهم عقلك خاصّة إذا اقترن الاسم بكيان يحتلّ أرضا عربية يُعدم شعبها ويُمحى تاريخها ويُنتهك ما فيها ويُحرَق ما حولها.
3. جامعة بن غوريون في إسرائيل: أن تكون الجامعة حاملة لهذا الاسم فذلك أوضح الواضحات.. والواضحات لا تحتاج من عاقل إيضاحا.. حين تكون جامعة، تُنسب إلى البولندي دافيد ين غوريون أوّل رئيس وزراء لدولة الكيان الصهونيّ، حين تكون منطلقا لأفكار نتمثّل بها لنصرة مواقفنا وتصديق عقائدنا فاعلم أنّ ذلك من بنات السخف والعجز وقلّة الحيلة والخرَق الذي لا يُرتَق.
4. إسرائيل: اسم الدولة التي تأتينا منها المعارف.. وأية معارف؟ تلك التي تشهد لدين المسلمين بأنّه الحقّ…
5. (وقد فاجأ الجميع بقوله إنّ الإسلام هو الدين الصحيح): مروّجو الفيديو هؤلاء ضحايا السخف ورُسُل الجهل وعناوين الارتباك.. الإسلام يظلّ عاجزا عندهم بعيدا عن الحقّ حتّى يعترف به “بروفيسّور إسرائيليّ” ينثر عليهم المعارف من أعلى هرم دولة الكيان الذي يسحق كلّ ما يمتّ للعروبة والإسلام والإنسان بِصِلة…
لعلّ الدولة العبريّة ستغيّر، بعد هذا الفيديو، اسم الجامعة التي يحاضر بها، البروفيسّور المذكور فيكون اسمها جامعة “موشيه شارون”، إذ نجح الرجل في:
• بيان تهافت إيمان بعض المسلمين بدينهم.. فهم عاجزون عن الاقتناع بأنّه الحقّ.. يبحثون عن شهادة من عدوّ “من أهلها” حتّى يصدّقوا أنّهم “على حقّ”.
• ليّ أعناق المسلمين إليه وإلى دولته وقد جعل من نفسه قِبلة يحجّ إليها التائقون لمعرفة “دينهم الحقّ” يروّجون محاضرته واسمه وأسماء أخفقت دولته في ترويجها بين العرب.
رحم الله المتنبّي
يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم.