الجهاز السرّي أم الجهاز العلني
عايدة بن كريّم
لم أدخل في أي سجال حول “الجهاز السرّي”… لا لشيء إلاّ لأنني لاحظت أنّ الكثير من الكلام يُصنّف لغطاً وضراطاً…
في كلام الأغلبية التي أدلت بدلوها في الموضوع هناك خلط بين مفهوم التنظيم السرّي ومفهوم الجهاز السرّي… خلط ناتج عن شوية جهل وبرشة ضعف في الثقافة السياسية وبااارشة أدلجة مقصودة… لأنّ المُتعارف عليه أنّ أي “حركة” يسارية أو يمينية في سياق الأنظمة الشمولية: الدكتاتورية وحكم الحزب الواحد وتكميم الأفواه وتجفيف المنابع والإستئصال وتقليم الأظافر… يكون لديها تنظيم سرّي. والأكيد انّ جميع الأحزاب التي كانت تُمارس المُعارضة في عهد بن علي كانت لديها “تنظيمات سرية”. لأنّ النظام كان محرّم التعدّدية ومانع التنظّم الحزبي العلني… وجميعنا تابع قضايا تتعلّق بالتأشيرة التي حُرمت منها اغلب الأحزاب والمنظمات… وبالطبيعة أنّ اغلب الأحزاب كانت تنشط في أطر مُغلقة وسرية…
أما بالنسبة للجهاز السري… لا أملك معلومة ولكن التحليل يقول أنّ في ظلّ التسلّط والإستبداد والقهر والظلم والتنكيل التي تتعرّض له الجماعات… كل تنظيم سرّي طبيعي أن يكون لديه جهاز سرّي يذود به على حماه… يُدافع به على قواعده وعلى قياداته وعلى مؤسسات التنظيم متاعه. وأيضا على وُجوده خاصة لمّا يكون يتحرّك داخل بيئة تُهيمن عليها ثقافة الإقصاء والإستئصال ويُحرّكها عقل الإنقلابات.
•••
لدي “صديقة” (؟) مُحامية منذ يومين بالصُدفة سمعتها تحكي مع صديق مُشترك… وتقول بالحرف الواحد “يلزمنا نقلّعوهم من عروقهم… أنا مع نظام عسكري يسحقهم على آخرهم كما عمل السيسي في مصر… يلزمهم يخرجوا من بلادنا…” ومن بعد تقول “اسمع الحلّ باش نتخلّصوا منهم “votez utile” لا جبهة شعبية ولا بسكلات… النداء والباجي”… جاوبها السيد: “الباجي؟ قول حاجة اخرى شنو الرجل عمره 92 سنة”… قالت له “هاذيكا سياسة المراحل والباجي الوحيد إلّي قادر يتصدّى لهم… أما خير الباجي وإلاّ يطلعوا هوما”…
“اسمع كان يطلعوا الخوانجية تعرف “modèle sociétale” إلّي يستنى فينا؟ مدرسة الرقاب والقمل والجرب والإغتصاب… والبس هركة ولحية وأربعة نساء…”.
لا يلزمنا نحط اليد في اليد ونقضوا عليهم…
دخلت أنا قالت له “أي تو نعملو قعدة باهية ونحكيو”… بقيت نغزر لعجب ربّي مُحامية وكانت تجمعية للنخاع وتخدم مع الطرابلسية وخارجة من “دبراسيون” “dépression” وكان الدُنيا دُنيا راهي في زاوية ضيّقة وتتنفّس بالباي…
•••
الخُلاصة ربما يكون للنهضة جهاز سرّي مُحتفظة به للأيام السوداء (ومن اكتوى بالشربة ينفخ في الزبادي)… لكن مهما كان الجهاز السري متاع النهضة خطير لا أظن أنه أخطر من هذا الجهاز العلني الذي يُهدّد ليس النظام وأجهزته وإنما يُهدّد السلم الأهلي وأمن المواطنين…
جهاز علني “فتّاك” واكثر خطورة على المسار الديمقراطي من “السلاح النووي متاع صدّام” الذي أحتلت من أجله العراق.
على مراد الله… جنت على نفسها براقش.
قلنا منذ البداية اعزلوهم واحصروهم في الزاوية ونفّذوا فيهم عدالة الثورة…