مثل المتهارشين بإفريقية

الخال عمار جماعي
مثل منفلت من كليلة و دمنة
•••
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: اضرب لي مثل المتهارشين على ميراث فأضاعوه.
قال بيدبا الفيلسوف: “إنما مثلهم يا مولاي كمثل العرايا المتهالكين على الثوب الخَلق، فلا هو يسترهم إذا لبسوه ولا يصلح إذا تركوه !
قال الملك: وكيف كان ذلك ؟
قال بيدبا: “زعموا أنه كان بأرض إفريقية رهط من الناس قد ضربت في سباخ السياسة حتّى أحلّتها حزبًا تكاثرت شقوقه و إنفرطت حبّاته.. وكانوا قد اجتمعوا على التناصر والحميّة زمن الغارات على الكراسي وقد استبدّت بهم شهوة السلطة.. ومولاي يعلم أنها مهلكة.. ولم يكن لهؤلاء القوم إلا إدعاء نصيبهم من ميراث زعيم، ولولا أنه ببيضة واحدة لأدعى هؤلاء أنهم من صلبه.. وإن تعددت أمهاتهم. لجّ القوم في أمرهم واضطربوا في شأنهم بعد أن شتّتهم المفارق وتداعوا لاقتسام الميراث.. فلمّا اختلفوا وتضاربت حججهم وكلّ يؤكّد أنّ الزعيم قد نام مع أمه وأنه أحق به من غيره وأولى بأبوّته وأجدر ببيضته، طمع آخرون فيه واتسع الفتق على الراتق عندما “بادر” هولاء و”تدستر” أولئك فتفرّق ثوبه بين القبائل وكانوا عراة… ولم يقرأ منهم أحد ما سوف يكتبه عالمهم الحصيف إبن خلدون في العصبيّة والدولة فضلّوا سبل الرشاد.. وأرجفوا من ذهاب ريحهم وانكشاف عوراتهم وليس لهم إلاّ الزعيم ساترا غير أنه غير قابل للقسمة ! فقال أحدهم وكان صبيّا حدثا اغترّ بظهوره في التلفزات، وهي عجيبة من عجائب إفريقيّة ترفع من تريد وتحطّ من تشاء: “نجعل الزعيم يوما لكم و يوما لنا، وفي البيعة نجعله ثوبا مشاعا”.. قال آخرون: “من أنت ؟ فلقد عرفناك على غير هذا المذهب” وقال قوم: “من أنتم ؟ ألم تخذلوه زمن ذلّه وهوانه ؟”.. أما أكبرهم فإكتفى بـ “برّوا ……” وكلام آخر يحسن السكوت عليه !
وتهارشوا وشدّ كل واحد طرف ثوب الزعيم حتّى ضحك عليهم قومهم وقد تمزّق إربا وحصّل كل واحد خرقة منه لا تستر عورة ولا تصلح لأمر.. فكان مثلهم كمثل “المتغطّي بمتاع الناس، عريان”.
قال الملك: “وكيف كان ذلك ؟”..

Exit mobile version