زهير إسماعيل
عشنا الثورة الإسلاميّة في مقتبل الشباب ( 19 عاما)، ونحن نخطو خطواتنا الأولى في عالم السياسة ببعدها الكفاحي غير المؤسَّس. وكان المحيط العائلي مقدّمة إلى هذه الخطوات الأولى، فقد أدركنا فيه، ونحن نخرج من طمأنينة الطفولة، آثارَ “مظلوميّة يوسفيّة” غائمة ممتزجة بأصداء الجوار الشرقي (القذافي الزعيم الشاب البدوي، وآخر سنوات ناصر). وكانت هذه الأصداء ملجأً من استبداد بورقيبي مذلّ.
1. كيف كان تلقّي الحدث ؟
لم يكن لنا معرفة بإيران قبل الثورة، فلم يكن لها حضور في حياتنا ووعينا. ومازلت أذكر أنّٰ الانتباه إلى هذا البلد كان مع زيارة المغنية باهرة الجمال “ڤوڤوش”، ومشاركتها في مهرجان قرطاج. كانت عندنا بقوامها الرشيق ولباسها المثير “نموذجا للمرأة الغربية”، وكان غناؤها باللغة الفارسية التي نسمعها لأول مرة يحيلنا على أوروبا الشرقيّٰة وحداثتها الخاصة وتقاليدها الموسيقية. فنظن إيران منها، وإيران الشاهنشاهيّة كانت غربية الهوى.
كانت الـ BBC ( لندره)، في بداية الأمر، منفذنا إلى الثورة الإيرانية وأحداثها، وللـBBC حضور خاص في المحيط العائلي الواسع، ورغم معرفة الكبار بأنّها صوت بريطانيا العظمى الاستعماريّة (عرفنا فيما بعد أنها لسان المخابرات البريطانية)، فإنّها لمهنيتها العالية كانت نافذة الجميع إلى العالم.
كانت جريدة الصباح تنقل أحداث الثورة في بداياتها، وكنت مواظبا على اقتنائها (40 مليم) ولكنها تغطية لا تشفي الغليل، ولا تعطي فكرة عن وجهة الأحداث وهوية الفاعلين فيها. وكان المنعرج مع التغطية التي أمّٰنها المرحوم صالح كركر على صفحات مجلة المعرفة (أو لعلها المجتمع). فقد سافر الرجل إلى طهران لتغطية أحداث الثورة، ومن تقاريره تبينا وجه الثورة وقيادتها الإسلامية. فكان المنعرج…
كنتُ بين الـBBC وجريدة الصباح، ومجلة المعرفة ومجلة المجتمع، وكانت المجلتان أسبوعيتين، وكان يشق عليّ انتظارهما، فالأسبوع صار دهرا. كان شقيقي “فرانسيزان” واكتشفتُ عنده جريدة le monde الفرنسية (270 مليم إن لم تخنّي الذاكرة)، ودلّني إلى تقارير Paul Balta الكاتب الصحفي بالجريدة والذي رافق الإمام الخميني في الطائرة يوم 5 فيفري 1979 يوم عودته إلى طهران من إقامته بـ Neauphle-le-Château بفرنسا.
كنت في قراءة مقالاته بين لاروس وشقيقي أستميتُ في فك ما استعجم عليّ من كلمات وصور واستعارات، وَمِمَّا أذكر قوله: سألت الإمام ونحن في الطائرة: بماذا تشعر والملايين تنتظرك وأنت تعود عودة الزعيم المظفّر، قال: لا شيء. الرجل كان هادئا، ساكنا مستغرقا فيما يشبه التأمّٰل والتفكّٰر، ولا يكاد يتكلم، سوى ما يكون منه من إيماءات بين الفينة والأخرى هي بين التسبيح والإشارة الوئيدة إلى حوارييه من حوله.
تزامنت تلك الفترة، أو قبلها بقليل، بتعرّفي إلى مجلة دراسات عربيّة (تصدر عن دار الطليعة ببيروت)، فكنت أقتنيها فضولا ورغبة في الإطلاع على نصوص فلسفية نحتاجها في مادة الفلسفة وقد كان الدرس في القسم شحيحا إلا ما يوفره الكتاب المدرسي (هدية العراق الشقيق).
كانت الدولة البورقيبيّة عاجزة عن توفير “جهاز بيداغوجيّ” لمادّة الفلسفة… تتبجّح بالسبق إلى تدريسها (كتبجّحها بسبقها إلى الحداثة والتنوير) ولم توفّر لها أدنى الشروط، وكنّا نشقى في العثور على نصّ فلسفي يناسب شغفنا وعمرنا الذهني.. وَمِمَّا علق بخاطري مقال عن “فلسفة اللا” عند غاستون باشلار للمغربي محمد وقيدي بمجلّة دراسات عربيّة.
وفي هذا السياق شدّني ما كتبه علي حرب عن الثورة الإسلامية في إيران في هذه المجلة، وعلق في الذهن منه قوله (تقريبا): تمثّٰل الثورة الإسلامية في إيران أقصى ما يمكن أن تبديه إحدى المجموعات الإسلامية من مقاومة ورفضها التنازل عن حقّها التاريخي”. وهزّني أكثر قول أدونيس (علي أحمد سعيد) عن الثورة الإيرانية: هي ثورة بالدِّين وفي الدين”.
2. أهم عناوبن الثورة
كانت الثورة الإسلامية عند سائر الإسلاميين كسرا لطوق ظل مضروبا عليهم زمنا، فقد كانوا في تصنيف الفكر السياسي العربي (قومي ماركسي) من الرجعية العربية، يُلحقون بدول البداوة الخليجية بقيادة آل سعود، ولم يكن الصراع الناصري الإخواني بعيدا عن كل هذا فقد كيّف الفكر السياسي في المجال العربي وجعله يستقر عند فرز كاد يتأبّد. حتى صارت صياغة تصور للإسلام (بعد اندحار تجربة الإخوان ولجوء كثير من قياداتهم إلى دول الخليج) من خارج الإسلام السعودي أمرا لا مفكر فيه عند المشارقة خاصة.
الزلزال الإيراني كان هذا اللامفكّر فيه، وأعاد طرح فكرة الثورة، ثورة المستضعفين، على الصعيد العربي الإسلامي والعالمي، وصار الإسلام والثورة صنويْن. وكان لشعار “لا شرقية لا غربية” هزّة قويّة لصراع الشرق (الاتحاد السوفياتي) والغرب (الولايات المتحدة) الذي استقر عند حرب باردة لم يعد لها طعم ولا تشير إلى معنى.
ذهبنا بهذا الشعار على أنّٰه تجاوز لنظرية العوالم الثلاثة ولفكرة “عدم الانحياز” التي لم تنجُ من الانحياز رغم النوايا الصادقة. وعلى أنّه “خط ثوري جديد” ينطلق من الهامش وبـ”عالميّة إسلاميّة جديدة” تعيد ترتيب العلاقات بين الشعوب على أساس العدل. وكان للإمام الخميني جمل وخطب عظيمة في استنهاض المستضعفين إلى دورهم الرباني والتاريخي.
وكان موقف الثورة من الحق الفلسطيني أكثرها تأثيرا علينا، بتحويل سفارة الكيان الصهيوني إلى سفارة لفلسطين، ثم كان احتجاز الرهائن واقتحام السفارة الأمريكية وكر التجسّس في المنطقة، وبروز شعار “الشيطان الأكبر”. وقد كان كثير من الإسلاميين، قبل هذا، أكثر حدّة مع الاتحاد السوفياتي “الشيوعي الملحد”، مقارنة بموقفهم من الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
فالأمريكان عند البعض هم “أهل كتاب” (في نهاية المطاف) في إسقاط لموقف القرآن من حروب الروم والفرس في لحظة ظهور الدين الجديد في شبه الجزيرة. والأقرب أن تكون في هذه اللطيفة القرآنيّة إشارة إلى أهميّة الشروط التاريخيّة التي يتحرّك فيها المشروع الإنساني الجديد وحاجته إلى “وعي تاريخي واستراتيجي” وهو يستهدف كل البشريّة (جُعِلت لي الأرض مسجدا).
في الجامعة بدأت ترتسم أمامنا ملامح أفق جديد فيه وصل بين الإسلام والثورة وتحرير المستضعفين، ولم نتردد في رفع الصوت عاليا مشاكلةً لنظرائنا الماركسيين “يا مستضعفي العالم اتحدوا”، وصار الصراع الطبقي عندنا تفصيلا من تفصيلات الصراع الرئيسي: استضعاف/استكبار. فقد يستكبر الفقير حين يتخلّق بأخلاق الاستكبار وينحاز إلى “المستكبرين”، وقد ينحاز الغني إلى “ثقافة الاستضعاف” و”ينسلخ طبقيّا” إلى “الشهادة الاجتماعيّة”… فـ”الانسلاخ الطبقي” من مربكات مبدأ “الصراع الطبقي”، ولا نراه إلا تخريجة لصاحب رأس المال بقدر ما تشهد بعبقريّته تؤكّد جزئيّة قانون “الصراع الطبقي” وقصوره عن تغطية مساحة الوجود الاجتماعي كاملة.
من ناحية أخرى، أذكر أنّني قرأت كتاب “الجمهوريّة الإسلاميّة” للإمام، ولا أنسى البتّة الصدمة التي أحدثها عندي، فقد هالني فيه تمذهبه وخطابه الشريعي المكثّف والانغماس في مقارعة اجتهادات فقهيّة قديمة. ومع ذلك لم تتعارض في خلدي صورة الشيخ المعمّم والزعيم الثوري في صورة الإمام ووجدت فيها وصلا جميلا بين ماض تليد وحاضر مجيد (حاضر الثورة)، وقد يعود استحساني صورة الإمام هذه لالتباسها في أعماقي بتقاطع بين ثلاث صور: صورة الحاج ساسي الصيد الملاحي (من خط الثعالبي، ويعتبر الانحراف الحقيقي كان في 1934 بقصر هلال)، وصورة جدّي الحاج محمّد بن حفيّظ (ت 1952) التي كنّا نمرّ أمامها معلّقة، وصورة عبد الرحمان بن خلدون المتخيّلة والتي تعترضنا من حين لآخر في هذا الكتاب أو ذاك… كأنّ صورة الإمام كانت خلاصة لكل هذا.
ومازلت أذكر في سنة الباكالوريا (7 علوم ورياضيات)، وكنّا بالمعهد ليلا نراجع، ففاجأنا أحد أصدقائنا من التلاميذ (ب /ك) يطوف بين القاعات، يحمل على صدره صورة للإمام مردّدا: هذا شيخُ يا شباب /شقّ بالأمس الضعاب. والصورة نعرفها فقد نشرتها مجلّة المجتمع على كامل صفحتها الأولى ويظهر فيها الإمام يعلو جبلا من الجماهير وبيديه يمزّق العلم الأمريكي الذي بدا كسياج السجن الحديدي، ومكتوب على كامل الصفحة : أما آن لأمريكا آن تفهم؟، وأظن العنوان افتتاحيّة أو مقال للشيخ راشد الغنوشي.
وقْع الثورة الإسلاميّة السياسي في تونس لا يكاد يوجد له نظير، وهو ظاهرة تحتاج إلى توقّف.. ويبدو هزيلا وسطحيا جانب من السياسة الإيرانيّة التي لم تغادر سياسة فتح المفتوح (نشر التشيع) والحلول محلّ الأصل.
خالجني شعور التوجّس نفسه من البعد المذهبي (رغم عدم درايتنا الكافية بتفاصيل المذاهب يومذاك) وأنا أقرأ في دستور الجمهوريّة الإسلاميّة الذي يقرّ بالمذهب الجعفري مذهبا رسميا للجمهورية الإسلاميّة (لم نكن نعرف توازنات إيران المذهبيّة وملابساتها السياسيّة)، ولكن يبدو أنّ الحاجة إلى “ثوريّة مفقودة” دفعتنا إلى غضّ الطرف (بيننا وبين أنفسنا، فلا سلطة لنا ولا أثر لما يجتاحنا من مشاعر على أحد).
انفتحنا مع الثورة الإسلاميّة على كتابات جديدة، غطّت على ما بادرنا من ارتباك أشرنا إليه في قراءة الدستور وكتاب الجمهورية الإسلاميّة، فقرأنا مرتضى مطهّري (المجتمع والتاريخ) ولحسين علي منتظري وهادي المدرّسي (ليس من نفس الجيل)… قرأنا للعظيم علي شريعتي ولأكبر شرّاحه فاضل رسول المفكر الإسلامي الكردي (هكذا تكلّم شريعتي)، واستعدنا مجددا كتابات الشهيد محمد باقر الصدر (جدل الإنسان في كتاب: التفسير الموضوعي للقرآن)…
وانبهرنا بما اكتشفناه من أنّ بواكير نقد المتن الفلسفي الأوروبي (منه المادية التاريخية والماديّة الجدليّة) كانت في الحوزة العلميّة بقم والنجف الأشرف.. وإن كان للفذ سيّد قطب إسهام كبير في هذا (أغلب من ينتقدوه لم يقرأوه وتبنوا عنه مواقف سماعا، وهذا موضوع طويل عريض).
ثمّ كانت بعض الدوريّات كالشهيد والرسالة، وهي أكثر ما لطّف البعد المذهبي بما تطرحه من “أفكار ثورية” تجمع بين الولاء للأمة (في الخطاب الثوري الإيراني هي أمة دعوة ورسالة في آن). وكان يغلب عليها خطاب كوني يعتبر الصراع العالمي صراعا بين الإستضعاف والإستكبار، فكان لحركات التحرّر في أمريكا اللاتينيّة خاصّة حضور بارز وفي مقدّمتها الجبهة الصندينيّة بنيكاراغوا التي نجحت بعد أقل من سنتين من الثورة الإيرانيّة في تحرير العاصمة مانغوا.
3. تطوّرات ومآلات
اندلعت الحرب العراقيّة الإيرانيّة سنتين بعد نجاح الثورة، ويسميها الإيرانيون “الحرب المفروضة”، وكان لها أثر مدمّر على العلاقة بين المجالين.. في هذه الحرب كنا إيرانيين… ولم تكن الانعطافة إلا مع حرب الخليج الثانية (91)… فكنا عراقيين، واتضحت السبيل في غزو العراق (2003)، ومن تلك اللحظة انقدح في أذهاننا بداية الفرز الذي عرفته المقاومة (عضويّة/وظيفيّة)…
تداعيات عدّة انثالت في ذكرى الثورة الإسلاميّة، قد لا نتوقّف عن الكتابة إذا أطلقنا لها العنان، ولكنا مكتفون بذكر ما بدا لنا خلاصات.
الثورة الإسلاميّة حدث إسلامي وعالمي هزّ كثيرا من المسلّمات، فمن جهة مداها وحجم الحشود العزلاء التي شاركت فيها فاقت كلّ ما سبقها من الثورات (الفرنسيّة والبلشفيّة) وهذا بشهادة الأوروبيين من صحفيين وكتاب وفلاسفة (فوكو). والأهم هو “وجهها الديني”. فلينين انتظر “الثورة العمالية التقنية” في قلب أوروبا واعتبرها المخلّص الوحيد للطبقة العاملة في العالم، وهي وحدها التي ستوفر للثورة التي سبقتها في الهامش الأوروبي (الثورة البولشفيّة) شروط اكتمالها واكتسابها معنى اشتراكيا.
والأهم من الأهمّ هو اهتزاز التثليث الوضعي (اللاهوتية، الميتافيزيقيّة، الوضعيّة)، أمام “وضعيّة جديدة”، لا ترى في الدين والوعي الديني مرحلة بقدر ما هو “بنية ذهنيّة” تنفتح على فكرة “الثورة الدائمة”.
لا رغبة لنا في استعادة ثنائيّة الثورة/الدولة لتوصيف مآلات الثورة الإيرانيّة، ولا حتّى التنبؤ بأنّ إيران ستخرج من “ولاية الفقيه” إلى “ولاية الشعب”، ولكن ما نحتفظ به هو أنّ الثورة الإسلاميّة في إيران “لحظة مهمّة” في تاريخ الثورة، ومثّلت ثورة الحريّة والكرامة التي كانت أوسع مجالا وأبعد مدى، لحظة ً مجاوِزة.
ولكن ملابسات السياسة والنحلة والجغرافيا والتاريخ كان لها وقعها على قادة إيران فلم يتبينوا لحظة الثورة المنطلقة من تونس والممتدّة إلى كل المجال العربي واختاروا الوقوف إلى جانب الاستبداد العربي البائس بمبررات عدّة يتداخل فيها القومي بالمذهبي والجيوسياسي بالجيوستراتيجي، وكان لهذا أثر بالغ على المقاومة ومنجزاتها وعلى فلسطين وفكرة التحرّر، والانخراط في صراعات المحاور التقليدية، وهو صراع نراه بعيدا عن “لا شرقيّة لا غربيّة”.
إيران قوّة استراتيجيّة عظمى مسكونة بوسواس إمبراطوري، ولها تراث علمي وفكري وجمالي إنساني، فمثلما إرتبط إسم يونان بـ”الفلسفة” إرتبط إسم فارس بـ”السياسة”، ولم تكن المدينة الإسلاميّة بعد التجربة المؤسِّسة والخلافة الراشدة والعصر الأموي الأول إلاّ صورة من “وصيّة أردشير” والأحكام السلطانيّة والتنظيمات ذات المرجعيّة الفارسيّة. فعدنا إلى الطاعة المطلقة (الطاعة مثلما بين الجابري في العقل الأخلاقي تمثّل القيمة المركزية في عقل فارس)… عدنا بعد نصف قرن على تجربة الإسلام الأوّل إلى “الطاعة المطلقة” بعد أن تمّ تقييدها (أطيعوني ما أطعت الله فيكم)… ميراث “الطاعة المطلقة” قد يفسّر تجذّر التشيع في بلاد فارس، وانحساره في البلاد الأخرى.
إن هي إلا تداعيات للخواطر في ذكرى حدث بعواطفنا في أوّل الشباب ومازال له أثر على عقولنا ونحن نشارف على العقد السادس… كتبنا ما كتبنا لا نطلب إلا الصدق مع أنفسنا… وقول ما نعتقد أنّ فيه نسبة من الصواب وبعضَ فائدة وانحيازا غير مشروط للحريّة دون ادعاء المطابقة بينها وبين ما تمثّلناه منها…
لم يكن بإمكان إيران، في شروطها الحالية مجتمعة، إلا أن تكون إلى جانب نظام الاستبداد… لذلك نراها مثله موضوعا لثورة مواطنيّة قادمة.
الثورة الإيرانيّة “ثورة بالدين”، ودون “الثورة في الدين” مراحل ومراحل… ولئن مثّلت الحنيفيّة الأولى وختم النبوّة لحظتيها التأسيسيتين، فإنّٰ الثورات الكبرى التي عرفها العالم وأوروبا (الفرنسيّة، البولشفيّة) تمثّٰل لحظات لاستعادتها، وتمثّل ثورة المجال العربي انطلاقتها الجديدة… فمثلما شُرّف العرب بختم النبوّة قد يشرّفون (قد يكون انطلاق الثورة من مجالهم مقدمة لهذا التشريف) بفتح “عصر المواطنة الجديدة”… وقد يفسّر هذا التشريف أسباب تأخّر اجتماع مجالهم وقيام كيانهم السياسي…